لماذا يتركون الأردن وحيدا؟!
جمانة غنيمات
22-09-2013 03:21 AM
الأنباء والتسريبات أكدت غير مرة أن الأردن سيحصل على منح عربية استثنائية، تعينه على التعامل مع أزمته المالية الداخلية المزمنة، وتساعده، من ناحية أخرى، على مواجهة التحديات الكبيرة التي تفرضها الأزمة السورية.
الوعود كثيرة ومتعددة المصادر، وخريطة التحالفات السياسية الجديدة التي خطّها الأردن كانت تقتضي بأن يحصل على منح قدّرتها مصادر بمبالغ لا تقل عن مليار دينار لهذا العام.
الحديث والسؤال عن تسلم المنح توقف تقريبا، بعد أن أكّد أكثر من مسؤول أن الخزينة لم تتسلم أية منح إضافية عربية خلال الشهرين الماضيين.
المشكلة أن أعباء الاقتصاد تزيد بشكل مطّرد، لأسباب داخلية ترتبط بشكل مباشر بارتفاع كلفة دعم الكهرباء، نتيجة انقطاع الغاز المصري، الذي لا يتوقع أن يعود قريبا بسبب الظروف الأمنية السيئة في سيناء، وتوتر الأوضاع في مصر.
إقليميا؛ ما يزال تدفق اللاجئين السوريين مستمرا، وعددهم اليوم يفوق 1.3 مليون نسمة، يمثلون نحو 17.3 % من عدد السكان، والخبير الاقتصادي خالد الوزني أكد أن عبء أزمة اللاجئين السوريين يصل إلى ما يقرب من 4 مليارات دولار.
الوزني، بيّن في محاضرة له في كلية الدفاع، أن 62 % من المقيمين السوريين في الأردن غير مسجلين لدى مفوضية اللاجئين، وبالتالي لا تتحمل المفوضية تبعات إقامتهم على الاقتصاد.
تكاليف وجود هذا العدد المرتفع من السوريين، والتأثيرات السلبية لأزمة الجارة الشمالية، تشكل حوالي 13 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، و45 % من إجمالي النفقات الجارية للحكومة، فضلا عن أنه يستنزف ما يزيد على 54 % من إجمالي الإيرادات المحلية للبلاد.
السؤال المهم؛ لماذا يقطع العالم والعرب وعودا وتعهدات بهذا الخصوص ثم لا يلبثون أن يتبرأوا منها رغم المعرفة التامة بحاجة الأردن الملحة إلى المنح، للتخفيف من وطأة المشاكل السابقة.
رسميا؛ لم تعلن الحكومة عن تسلم مبالغ إضافية، باستثناء تلك المقدمَة عبر صندوق الدعم الخليجي الذي يقدم للمملكة مبلغ مليار دولار سنويا.
المنح تأخرت، وبعثة صندوق النقد تتابع الملف المالي وتسعى لانتزاع ضمانات بأن الحكومات ستمضي في تطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي، وتطالب بتخفيض عجز الموازنة، إما بتقليص الإنفاق أو زيادة الإيرادات.
هذان العاملان يسببان ضغطا كبيرا على متخذ القرار، لشعوره بتخلي العالم عنه وعن السوريين، ما يدفعه بالضرورة إلى المضي في تنفيذ قرارات صعبة.
خطورة تأخر المنح تتمثل في بديلها، وهو السعي الحكومي لزيادة الإيرادات بأي شكل من الأشكال، دون مراعاة أنها تنتهك حرمة العيش الكريم، ودون تقدير لتبعات ذلك على المزاج العام.
صحيح أن عيون الأردنيين موجهة اليوم نحو سورية ومصر، لكن أرباب الأسر مع طالع كل صباح يفكرون بالأعباء الكبيرة التي يحملونها ويصعب عليهم الوفاء بها.
ملف المنح لطالما كان شائكا ومعقّدا ومثار جدل بين مؤيد ورافض، لكن وفي ظل حالة التباطؤ التي يمر بها الاقتصاد وزيادة الضغوط عليه تتزايد التحديات التي تهدد استقرار الأردن الاقتصادي، ما يجعله بأمسّ للمنح المالية.
على حلفاء الأردن أن يدركوا أن التخلي عن دعم الأردن مكلف وخطير، وإبقاء الأردن وحيدا في هذا الإقليم الهائج لا يخدم مصالح أحد.
للأردن موقع جيو سياسي يؤثّر ويتأثر فيه الجميع، وللأردن كل الحق باستثمار هذا الموقع بشكل يخدم مصالحه، ويساعده على حل مشاكله لا تعظيمها حد الخطر!.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد