لا احد يستطيع معرفة ماذا يدور في ذهن رئيس الحكومة عبد الله النسور وحكومته لإضافة سلع جديدة لقائمة ضحاياه المشمولة بالرفع، فبعد الخلويات والبنزين والكهرباء والمواد الغذائية وصل الأمر إلى الملابس بشتى أنواعها خارجية وداخلية.
ربما في الذهن إضافة ضرائب جديدة على الأحذية، وعلى دخول الأسواق، وعلى ترخيص السيارات، والحلويات، والفواكه المستوردة، وحفاظات الأطفال، تلك سلسلة لا متناهية من أفكار ضريبة يمكن أن تبتكرها الحكومة لحل مشاكل الموازنة المتهالكة.
ببساطة الحكومة لم تبتكر جديدا، ولم تخترع الذرّة، وإنما اعتمدت على جيب المواطن في كل ما يتعلق بمعالجة تشوهات الموازنة التي لا يُسأل عن سببها المواطن بقدر ما تُسأل عنها الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية أيضا.
إن كان الحل جيب المواطن فهو حل بسيط وعادي، ويمكن أن تنفذه أية حكومة، لا بل يمكن أن ينفذه أي عابر سبيل، فذاك حل جاهز دوما، ولكن كانت بعض الحكومات تبتعد عن تنفيذه لتأثيراته السلبية على جيب المواطن، وعلى قدرته الشرائية المتهالكة.
ببساطة، الحكومة انتهجت الحل الأسهل لها، والأصعب على المواطن، وقررت أن تذهب لكل السلع المعروضة في الأسواق وتفرض ضريبة عليها، دون النظر أو التفكير إن كان ذلك سيضر بشريحة واسعة من المجتمع أم لا، ودون التفكير إن كان لقراراتها تلك أثار سلبية على المواطن والتاجر على حد سواء أم لا، المهم بنظر الحكومة معالجة اختلالات الموازنة بشتى الوسائل، ودون النظر لما سيحصل للمواطن والتاجر والصناعة لاحقا والتجارة والسياحة وقطاعات الخدمات والنقل، المهم أن يذهب كل هؤلاء وتبقى الحكومة.
ما يجري الآن يشعرنا أن الحكومة تخلت عن واجبات أساسية لها كالتعليم والصحة والخدمات، وذهبت فقط لفرض ضرائب على المواطنين والسلع، دون النظر لما يمكن أن تفعله سياستها تلك في المجتمع والدولة بشكل عام.
أحسنت أحزاب المعارضة في بيانها الأخير في توصيف ما تقوم به الحكومة، وتعليقها على أفعال الحكومة في الفترة الأخيرة عندما انتقدت بشدة اعتماد رئيس الحكومة دوما على عنصر التهويل والتخويف، ووضع المواطن والوطن بشكل عام تحت مطرقة الخوف من المستقبل، والمجهول.
الحكومة أول ما استلمت زمام الأمور العامة أطلت علينا بتصريحات متواصلة حول انهيار الدينار، إن لم تعوم أسعار المحروقات، فأخذت ما تريد، وسكتت، وسكتنا، ثم أتحفتنا بتصريحات أخرى أكثر رعبا حول انهيار الموازنة، إنْ لم يتم رفع الكهرباء، فحققت ما تريد، فسكتت وسكتنا. وأخيرا أطلق رئيس الحكومة سلسلة تصريحات حول انهيار صندوق الضمان الاجتماعي إن تم ربط التقاعد المبكر في قانون الضمان بالتضخم، وأغلب الظن أنها ستأخذ ما تريد، فتسكت ونسكت.
دوما تربط الحكومة، وتحديدا رئيسها، تخوفاتها بأهمية معالجة الأمر سريعا من خلال خطة تقدمها هي، وعبر الوسيلة التي يؤشر إليها الرئيس فقط، والحكومة ورئيسها يشعِران الجميع بأنه لا توجد وسيلة غير تلك الوسيلة التي تتبناها الحكومة وليس أي طرف غيرها، لإنهاء حالة القلق من انهيار الدينار، وإفلاس الدولة، وانهيار صندوق الضمان الاجتماعي.
دوما تقدم الحكومة نفسها باعتبارها تمتلك الحقيقة كلها، ولديها مفاتيح معالجة الاختلالات التي تتحدث عنها دون أن تكلف خاطرها النظر للمقترحات المقدمة لها من ساسة وصناعيين واقتصاديين وقادة رأي عام وكتّاب، ونوّاب وأعيان. ما تفعله الحكومة أنها تلقي كل النصائح المقدمة لها على الرف، ولا تأخذ إلا بما تقوله هي، مع أنه من الممكن أن تكون الرؤى التي تقدمها الحكومة ناقصة ولا تأخذ بعين الاعتبار حاجات أساسية أبرزها وأهمها على الإطلاق الأمن الاجتماعي الذي تعجز الحكومة عن توفيره حتى الآن.
jihad.mansi@alghad.jo
الغد