سوريا: لماذا ارتفع الصوت الروسي وخفت الامريكي ؟
د.احمد القطامين
21-09-2013 10:30 PM
تراجعت امريكا عن الضربة "المغرية" التي كانت تتوعد بها سوريا.. لقد كانت الضربة فرصة استراتيجية مغرية جدا لتدمير البنية الاساسية للجيش السوري وهو الحلم الاسرائيلي الاكبر والاهم بعد ان تحقق حلم التخلص من الجيش العراقي في عملية غزو العراق عام 2003.
فجأة، توقف السيل الهادر المتجه الى دمشق عن السريان العنيف وتحول الى جدول من المياه الهادئة الصافية وشهد العالم تراجعا في مستوى التحشيد الرسمي الغربي لتلك الضربة بعد ان اخذت مجموعة من الحقائق تتكشف واحدة تلو الاخرى. فبينما صعدت روسيا من خطابها المنتقد للسلوك الامريكي بشكل خاص والسلوك الغربي بشكل عام تجاه سوريا اخذت نبرة التهديد الامريكية والغربية بالخفوت التدريجي، ظاهريا بسبب الاعلان الروسي عن استعداد الحكومة السورية لوضع ترسانتها الكيماوية تحت الاشراف الدولي تمهيدا لتدميرها..
لكن العديد من المحللين الاستراتيجيين المطلعين ومن بينهم الصحفي المصري ذائع الصيت محمد حسنين هيكل اشاروا الى ان مؤشرات ذات مصداقية عالية قدمها الروس للامريكيين تؤكد ان كتائب من المعارضة السورية هي من استخدام غاز السارين في هجموم الغوطة وليس الجيش السوري..!!
وان صواريخ قصيرة المدى محملة بغاز السارين قد تم تصنيعها خارج سوريا ومن ثم نقلت الى دمشق حيث تمت عملية اطلاقها على السكان المدنيين في الغوطة الشرقية لتنتج مشهدا داميا من السهل إلصاقِه بالنظام، وقد تم تصويرالاطفال والنساء والشيوخ المصابين والقتلى وتم نقل ذلك المشهد الفظيع الى العالم المشدوة، وقد تم بالفعل اخراج اللقطات الاولى من الغوطة الشرقية مع إتهام مباشر للنظام بأنه وراءه دون الانتظار لاجراء اي تحقيق من اي نوع.
طبعا ما يهم الغرب في هذا السياق هو حقيقة ان تلك الاحداث المخيفة تتفاعل على ارض تقع على "مرمى الحجر" من اسرائيل.
مما يتطلب ان الحرب الدائرة في سوريا يجب ان يتم احتواءها خشية ان تصل الى اسرائيل، وان احدى اخطر السيناريوهات المحتملة لضربة غربية لسوريا هي إنفلات الامور ودخول المنطقة في حرب اقليمية واسعة قد تلحق افدح الاضرار في المدن والمصانع والمعسكرات الاسرائيلية وتجر امريكا والغرب الى صراع دام قد يستغرق سنوات طويلة بكل التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي قد تصيب المجتمعات الغربية وخاصة المجتمع الامريكي الذي لا زال في طور التعافي من تأثيرات الحروب الفاشلة في العراق وافغانستان..
اذن لا بد من التهدئة والاكتفاء بتدمير القدرات الكيماوية للجيش السوري في هذه المرحلة..
qatamin8@hotmail.com