باسم سكجها يكتب عن جاره الراحل: محمد السقاف
mohammad
18-09-2013 01:26 PM
مُذ رحلت شاهناز، حبيبته، ورفيقة حياته، وشقيقة روحه، قبل سنوات، كان محمد السقاف يُهيئ نفسه للرحيل، وحين وصلني الخبر، أدمعت عيناي على رجل حقيقي سمّى ابنه الوحيد: خالد، تيمّناً بابن عبد الناصر، وابنته البكرية: خلود، في رحلة تسمية أصيلة، وصلت إلى صغيرته: لُمى، ومعناها: إسمرار الشفة السفلى، وهي من علامات الجمال العربي...
أبو خالد، لم يكن مجانياً في خيارات حياته، وكان صعباً في اختياراته، حقيقياً في مواقفه، وأظنّني أراه الآن، في أواخر لحظات حياته المتعبة، سعيداً بأن واشنطن تراجعت مرغمة عن ضرب دمشق، فالشام عند صاحبي كانت كالقاهرة التي لجأ إليها أيام الناصر جمال، ومنها تكوّنت روحه الصافية...
أبو خالد، لم يكن لي جار عُمر في المكان، فحسب، بل كان جار قلب لم تخذلني في يوم مواقفه، واذا كان الجار قبل الدار، فقد كان جاري هو الدار، ولستُ أنا من يقول إنّ محمد السقاف كان احسننا، نحن سكان ضاحية الحسين العمّانية العتيقة، فهو الوحيد الذي لم يتركها، حتى اخر يوم في عمره، مع أنّ القصور كانت متاحة له، وحياة الترف تحت أمر منه...
الكثيرون سوف يفتقدون أبا خالد، ولكنني اعرف ان الحسن بن طلال سوف يبكيه، فلطال ما جاء الامير صباحاً، ليشاركه فطور الحمص والفول والفلافل من مطعم "شاكر" الملاصق لسور بيته، وأكتب الان في عجالة، قُبيل الذهاب الى مدفنه، ولستُ أجد من القول سوى إنه كان ضميراً عربياً كاملاً، سيذكره قومه وقد جدّ جدّهم، فالرجل، جاري، وموطن احترامي، من قليلين اردنيين، لم يسمحوا للتلوّن ان يكون عنوان حياتهم...
رحمك الله يا أبا خالد، محمد السقاف، الشريف، العفيف، المخلص، الجميل..