هل نحن حقا سائرون نحو اثراء دولة المؤسسات بنهج له مدلوله وخصائصه ؟ فالقديم له اساليبه المتداولة ، والجديد فيه طموحات تدغدغ ولا تجرح وتؤنس ولا تقرع .
هل نحن قادرون ان نجعل من الاردن النموذج الديمقراطي المميز في منطقتنا العربية ؟ فالديمقراطية واقع مرتجى وطموح ما عاد بعيد المنال . ما علينا الا ان نجمع كفاءات وقدرات مبعثرة .
صحيح ان الديمقراطية في الاردن لا زالت في الخداج والبعض من القوى المتنفذة تريدها ان تبقى في الخداج ! ما علينا الا ان نتحرك نحو مبدأ المشاركة وتفعيله دون ان يُـفرض على المواطن كل شيء في حياته العامة. لقد سئمنا اهزوجة التعيين! .
هناك اهتمامات للمواطن بأموره المعيشية تفوق كل اهتمام ليتبع ذلك المزيد من التقدم في مجال التعليم والصحة والغذاء والسكن ، وكله امل في انحسارجيوب الفقر وانخفاض نسبة البطالة عن طريق التحديث الاقتصادي المنشود – وكما تقول الدكتوره هيام كلمات في كتابها " الحاكمية الحضارية الرشيدة " – " وان احد مقومات الديمقراطية توفير التمثيل العادل للمصالح وهو عامل هام لتحقيق التنمية " . ليس معنى هذا قطعا تاما للصلة مع القديم وانفلاتا من جميع قيود ونهج ٍمضى كان له ظروفه وحيثياته بل هو تجديد في الاسلوب وحفاظ على الجوهر .
انها الايديولوجية المؤسسية الجديده لتجمع المسؤول بالمواطن وتدفع بالمواطن الى الاندماج والانصهار مع الفكر الجديد من اجل التجديد وتعميق مبدأ المشاركة في العمل المشترك .
هناك اطلاع ومعلومات ، هناك ابواب جديده ، هناك تقنية علمية ، هناك ستة ملايين من المواطنين تريد ان يُسمع صوتُها لا ان يُفرضَ عليها كل شيء . لدينا ثروة من اهل العلم والخلق والاستقامة والكفاءة والمصداقية . وكما ذكرت في كتابي " احببتها " الذي وزَّعت منه اكثر من الف نسخة حيث قلت " فهل بمقدورنا في سياسة التجديد والتغيير ان نحول الضعف الى قوة ، والاتكالية الى صمود ، والخوف الى شجاعة ، والفقر الى اكتفاء ، والبطالة الى عمل وانتاج ، والوطنية الى عطاء ، والولاء الى انتماء وتفهم ومشاركة .
ومع التحولات المتعدده والمفاهيم الجديده والتغيير في اساليب واليات الحكم لتتقوى المؤسسات الثابته بقيادات قادرة ان تتكيف مع الايديولوجية الجديده من اجل المشاركة في موضوعية ارتفعت الى مستوى المسؤولية تتم من خلالها دراسة عميقة ومستفيضة لكافة وقائع مجتمعنا ومشكلاته القائمة وبتحليل صادق وحقيقي للوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .
ان سنواتٍ قد مرّت، وأمالاً قد تبخرّت وتغييرات وقد نضبت وافتقدت الى تطورات خاصة في بلدنا لضعف الاسس الرئيسة في رسم الخطوط العريضة لسياسةٍ ثابته تتسم بالعمل الجماعي ، مواطنين ومسؤولين من اجل بناء مجتمع ديمقراطي تعاوني فعّال .
ان الديمقراطية تتواكب مع مفهوم التغيير في النهج والاداء والتي مازالت الدولة بعيده كل البعد عن ذاك المفهوم . هي ترفضه عملا وتتغنى به قولا. فهل آنَ الاوان لان نجمع القول والعمل معا . فالديمقراطية ليست محدودة المسؤولية وانما هي البناء والعمل والاخلاص والتفاني في خدمة الوطن والمواطن . هي في اخراج قانون انتخاب جديد يجسّد حق كل مواطن في ممارسة دوره الوطني دون مداخلات او تجاوزات او تعيينات فوقية. هي في بناء منظومة تربوية ثقافية تعليمية تحت مظلة اللغة الام حيث ان الغاء لغة الامة يعني الغاء فكرها وخصوصيتها وبذلك ينتهي المكوّن الاول لوجود الامة . هي في بناء مجتمع متكافل متضامن في اطار دولة المؤسسات .
اقول كلمتي هذه لا في هدرها وتلعثمها وابطال مخارجها بل بوضوح ايقاعها وبنبراتها المتزنة . فالمواطن يريد ان لا يكون مجرد رقم في التعداد السكاني بل هو واحد من الكل - لنصطف معا بانفعال ايجابي وواقع مطمئن ونسير معا اغنياء وفقراء ، عاملين ومتقاعدين ، شبابا وشيبانا ، ونساءا ورجالا ، وراء موجة التغيير التي يتحتم علينا التشبث بها لتحويل المزرعة الى وطن، والمواطن الى انسان له حقوقه وكرامته .وبهذا نكون مع المحتوى والمضمون لسياسة العمل الجاد المطالب بالتجديد والمشاركة لتؤتي ثمارها في ظروف مواتية قادمة بإذن الله وبتصميم هذا الشعب الطيب بعد اخراج ٍ وترتيبٍ لهذا التطور البناء والذي سيبقى منسجما مع حاجيات المواطن وطموحاته من اجل بناء الاردن الحديث .