facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ثقافة الأخوة في العشائرية السياسية


د. معن ابو نوار
17-09-2013 11:05 PM

ثقافة الأخوة في المجتمعات المدنية، العشائرية أو القبلية ، التي لا يهتم المواطن أو غالبية المواطنين فيها بالشؤون السياسية، باختيارهم الحر وليس رغما عنهم، فيتركون الشؤون السياسية لكبارهم من الشيوخ والوجهاء وقادة الرأي منهم، ثقافة أطلق عليها لقب العشائرية. ومعظم مجتمعات هذا النمط لا زالت قائمة في غالبية الدول العربية والإسلامية.

في هذا المجال هاجم بعض الكتاب والسياسيين، خاصة المتحزبين منهم، مجتمعاتنا المدنية الأردنية العشائرية على أنها مخالفة للديمقراطية، وأنها مجتمعات رجعية تعيق التقدم نحو الحداثة، وأنها في تكوينها مضرة بالوحدة الوطنية. وقد أهمل أولئك الكتاب والسياسيين مبدأ الحرية في الدستور الأردني، خاصة حرية الاجتماع، وحرية المجتمع المحلي، حيث نص بوضوح:

" المادة 16-1- للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون.
2- للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية..."

وهكذا سواء علم النقاد أم لم يعلموا فهم في مطالبتهم حرمان المواطنين من أبناء العشائر من عشائريتهم، إنما يخالفون الدستور الأردني مخالفة يحاولون بها حرمان عددا كبيرا من المواطنين يفوق عدد جميع المنضمين إلى الأحزاب والنقابات في وطننا لأسباب حزبية، لا تمت إلى الوطنية الدستورية الديمقراطية بصلة مما كانت.

الأهم من ذلك ، أن المجتمع العشائري، خاصة الأردني ، يشبه النقابه الكبيرة الواسعة، وبكل تأكيد فإن النظام العشائري الصحيح أكثر تعاونية وتعاضدا من نظام أية نقابة أو نظام أية رابطة أوروبية. فالعشيرة الأردنية لا تلتزم بإسناد أعضائها وحسب، بل تلتزم بمسؤولية مشتركة بواجبات ومسؤوليات كل عضو فيها سواء داخل العشيرة أو في علاقاتها مع العشائر الأخرى وبقية المواطنين ومجتمعاتهم المدنية المختلفة. ومن هذا المنطلق، لا يخاف عضو العشيرة من الفقر أو الجوع أو المرض، إلا في حالة إصابة جميع العشيرة بمجاعة كبيرة. حتى في حالة المجاعة يتعاضد أعضاء العشيرة بكرم منقطع النظير في تأييد غير القادرين على مواجهتها. ويعرف عضو العشيرة جيدا أنه لن يقلق على أعضاء أسرته المباشرة ، لأنه إذا توفاه الله، ستقوم العشيرة بأود وحماية أرملته وأطفاله اليتامى. ويتمتع عضو العشيرة بحالة الأمن الاجتماعي والنفسي والمعنوي، لأنه عضو في مجتمع من أكمل وأصدق مجتمعات المنافع المتبادلة والإسناد المتبادل ، والمسؤوليات المتبادلة في العالم كله.

خاصة في ميدان المسؤوليات المتبادلة، تهب العشيرة لردع ومنع أي عضو فيها يخالف الأعراف والتقاليد والعادات العشائرية التي حكمت تصرفات المواطنين العرب المسلمين منذ زوال الجاهلية وانتشار الدين الإسلامي الحنيف. وقد كان دور أسرة ، بل عشيرة بني هاشم ، في تأييد ومساندة سيد الخلق محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ضد بعض أعضائها من قريش ، من جهة ، وإخلاصهم له ، والدفاع عن رسالته ، وتحمل المسؤولية العظمى في تأييده ، من جهة أخرى ، مثلا نبيلا يقتدى به في التشبث بمسؤوليتهم نحوه ، وتقدير وحب رسول الله في إخلاصه لأسرته العريقة، عشيرته الأنبل من أي عشيرة أخرى في تاريخ العرب والمسلمين. كل ذلك في الوقت الذي كانت فيه تلك المسؤولية المشتركة رادعة لكل من تغريه رغباته الشخصية بمخالفة الشريعة الإسلامية أو التقاليد والأعراف والعادات العشائرية العربية التي طهرها الإسلام الحنيف من كل شائبة، وأضاف إليها أنبل المناقب، وأنفع الميزات، وأكرم الأخلاق.

من نتائج بحثه في تاريخ وطننا الأردني ، عرف هذا الباحث ما قدره الله على معرفته من تاريخ تطور حياة شعبنا العربي الأردني، من مجتمعات عشائرية تعيش على أرض بلا كيان سياسي أو دولي، إلى مملكتنا الأردنية الهاشمية، ومجتمعنا الديمقراطي المدني، صاحب السيادة على أرضه وشعبه وإرادته الحرة المستقلة. ولم يجد في ذلك التطور ولو حادثا واحدا أساء إلى لحمة الوحدة الوطنية من قبل العشائر الأردنية ، بل تأسست الوحدة الوطنية على تعاضد العشائر وأخوتها في الوطن.

كما عرف أن الأردني يؤمن بأن للوطن قيمته الحيوية، وللشرف خصائصه وميزاته، وللرجولة والشهامة والنخوة مبادئها ، وللحقوق الدستورية والإنسانية نبلها وعدالتها، وللأخوة في الوطن قدسيتها التي لا غنى عنها. كما عرف بأننا أصبحنا نتيجة لتجاربنا التي تكاد لا تحصى، شعبا استقر جأشه على الهدى والصدق، وثبت روعه على نضج التفكير الموضوعي، وحسن وحكمة الرأي، وطيب الأخلاق والأعراف والعادات والتقاليد العربية، وممارسة الحرية المنضبطة بالقانون، والكفاح لتحقيق الطموحات الوثابة لمعالي الحداثة النافعة ؛ كل ذلك مع المحافظة على منافع أصالة العروبة والإسلام، والتقاليد والعادات الأردنية المكونة لهويتنا الوطنية السيادية المستقلة.

لقد عرف أن شعبنا الأردني قد تمتع عبر تاريخه منذ عام 1921، وحتى اليوم الذي نحن فيه، ولا يزال يتمتع، بسلامة الفطرة، ونبل السريرة، وحصانة الصدق والأمانة، سواء في نفوذ النظر في البحث عن الحقيقة، أو في التعبير عن الرأي فيها، أو في الرد على الرأي بالرأي الآخر، دون ازدراء أو تحريض أو تهييج للخواطر الشخصية أو العامة. وهو لذلك ينطلق من مشاعره الشماء، وعواطفه النبيلة، وتفكيره المنطقي، وتحليله الواقعي، واستنتاجه المعقول وغيرته وحميته واحترامه لحقائق تاريخ أمته العربية، ودينها الإسلامي الحنيف، وأمجاد ثقافتها وحضارتها العريقة ، وطموحاته وأشواقه لحياة أفضل ومستقبل أسلم له ولوطنه. ولذلك ازداد مما عرف من حسنات تاريخه منعة وثقة وحصانه، كما ازداد مما عرف من أخطاء الماضي حذرا وحرصا واحتراسا ضد تكرارها. مثلما ازداد من كل ذلك صقلا لحواسه، وعمقا في استقصائه، ووعيا في بحثه ودراسته.

خلال خدمته الطويلة، أكثر من خمسة وخمسين عاما، عرف هذا الباحث من أبناء العشائر الأردنية خيرة القادة ، والطليعيين في الجيش، والطب، والهندسة، والطيران، والصيدلة، والقضاء، والسياسة، ومختلف العلوم ، والذين حافظوا على التقاليد والأعراف والعادات العشائرية بكل إخلاص وأمانة؛ وعليه أن يعترف بكل الأدب الذي يقدر عليه أن معظم من يعارضون العشائرية الأردنية لا يتمتعون ببعض مؤهلات ومناقب وقدرات من يعارضون عشائريتهم في خدمة الوطن.

سألت حفيدتي الصخرية، والدكتورة في القانون الدولي من جامعة لندن، عبير جمال الخريشا عن رأيها في معارضة العشائرية ، فأجابت:

" المعارضون أحرار؛ لكن حريتهم تقف عند حدود حريتنا في رابطتنا العشائرية التي يحميها الدستور...!"





  • 1 .. 18-09-2013 | 09:50 PM

    الاردن وطن ..


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :