الحنكة السياسية تتطلب في الكثير من الاحيان عدم اعطاء جواب محدد او مباشر يكشف مواقف قد لا تكون مرغوبة لطرف لكنها محببة عند طرف آخر بل يمكن ان لا تمثل حقيقة التوجه والمنهج المتبع في القضايا الاقليمية او الدولية فحقيقة المصلحة الوطنية هي التي لا بد وان تكون السائده وغيرها هو المتنحي
منهجيتنا الدبلماسية في الاردن اننا لسنا ضد احد ولكننا مع كل احد , ولعل ميزة هذه السياسة هي البقاء في المنطقة الخضراء رغم ان الازدحام يجرنا دائما الى منطقة الالغام , بحيث يصبح الواقع المر سيفا يفرض على رئيس الحكومة مثلا ان يقول كفانا معانات ولا يجوز ان يكون مصير الوطن مرهونا برغبة قيادات تقتل اهلها بحجة الارهاب والمؤامرة او شعب لا يريد قيادته بحجة الظلم والاحتكار ؟ فالاردن الذي عانا من السياسة السورية وخاصة في قضايا المياه والامن والحدود وغيرها هو نفسه الذي قاسم الشعب السوري ما تبقى من ماء وقوت ومأوى , وهو نفسه الذي امن الحماية والامن لما يزيد عن مليون واربعمئة الف مواطن سوريا , وتحمل ما يتحمله من تبعات امنية واجتماعية واقتصادية .
المعارضة السورية والجيش الحر بقيادته العسكرية ( وليس النصرة والجها د والقاعدة ) هي التي تطالب بضربة عسكرية, وتطالب بالضربة وترفض المبادرة الروسية وليس الاردن حتى نشن هجوما صالونيا على الرئيس في مطلب الخلاص ؟ هم الذين يطالبون وليس نحن خاصة بعد سويت مقدرات الشقيقة بالارض ولم تبقى شعلة تراث , ومعول حضارة الا وغتصب وعذبت روحه ؟
رئيس الحكومة الذي ادرك حجم الضغط الذي يتحمله المواطن جراء سلسلة اجراءات رفع الاسعار وهو الرجل المعروف بخبرته ادرك انه لا بد من مرحلة الخلاص , ولا بد من نهاية ليس فقط للشعب السوري المجرد بل للدول المحيطة التي يعاني شعوبها امر الويلات وخاصة الاردن , فكان التعبير عن الرغبة والشوق للخلاص وانهاء هذه المعاناه . فنحن مع الرئيس بالحل , وبح صوتنا ونحن نحث عن الحلول السلمية السياسية , لكنا لا نستطيع ان نقف في وجه الامريكان لمنعهم من ايقاف النظام السوري على ضربة الكيماوي , ولسنا بقادرين ان نوقف الدارة الفرنسي والبريطانية و11 دولة من دول العشرين الذين اجتمعوا في ريحاب بوتن الاسبوع المنصرم.
نحن فعلا لسنا مع اي عدوان على سوريا , ولسنا مع اي حالة قد يراق فيها نقطة دم سورية باعتبارها غالية وغزيزة على كل اردني ومواقف الاردن على ذلك شهادة نعتز بها جميعا , لكننا لسنا الطرف الذي ادى الى تلك النتيجة , ولسنا طرف في تحريك الشر في المنطقة ولم نكن يوما مصدر تهديدا او اساءة ولن نكون لا حاضرا ولا مستقبلا ولن نكون كالذين يهدون دائما من الباطن بضرب عمان وتحريك الخلايا النائمة وتصدير الارهاب وليعبثوا في ارضنا قتلا وافسادا ؟
ما قاله الرئيس هو صورة يطلبها كل مواطن اردني صورة تؤدي للنهاية والخلاص , وليس لقتل السوريين وانتهاك حرمة الاوطان , تراجع الرئيس عن مضمون تصريحاته حول سوريا لا يجوز ان يكون مأخذ ونقطة تسجل عليه كما يعتقد او تريد بعض الصالونات السياسية او ممتهني القنص التقاطه . الاخوة السياسيين المؤيدين لموقف النظام السوري اولا لا بد وان يدركوا انهم اردنيين وان مصلحة الوطن لها اولويه , فاذا كان الرئيس صريحا وصادقا في ما قاله باعتباره الواقع العملي الذي يجري على الارض فلا يجوز ولا نقبل ان نكون كالنعامة التي تدفن ر اسها في الرمل .
ليس دورنا ان ندافع عن اخطاء غيرنا او نتحمل على الدوام اثار اخطاء غيرنا ؟ وواقع حالنا اليوم يفرض علينا ان نكون طرفا في اي حل يجد مخرجا تصب اثاره ليس فقط على الدول التي تعاني بل على الشعب السوري الذي قتل وجرح وتشرد ونزح ؟
ما قاله الرئيس ليس موقفا شخصيا بل تعبيرا عن اجماع عربي فهو لم يؤد منفردا بل وافق على ما اتفق عليه العرب كحل جزئي يؤدي الى حل اشمل هو مؤتمر جنيف 2 . الرئيس لم يخطيء , ولا اعتقد انه بصراحته وبواقع ما تحدث به للبي بي سي خالف الصواب , فما اخبره امين الجامعة العربية لوزير الخارجية الامريكي في باريس عن موقف الجامعة والعرب كان الموافقة على الضربه , وقد اعلنها الاخير في الكونغرس ونشرتها صحف العالم . فما هو الجديد اذا , ولماذا هذا النقد لما قاله الرئيس ؟
لا دفاعا عن الرئيس بل حقيقة يجب ان تفرض نفسها و لا تحجب عن الناس بحكم المصارحة فنحن لن نشارك بالضربه ان حدثت , (وها هي لن تحدث ), ونحن لن نسمح لاي جيش ان يدخل من الاردن ونحن لن نسمح لسمائنا ان يكون ممرا لضرب سوريا و وهذه حقائق اقرها الاردن في لقاء قادة الجيوش في عمان مؤخرا والذي تم تفهمها من الطرف الامريكي قبل العربي الامر الذي غير من استراتيجية الضربة العسكرية الامريكية . ؟ .موقفنامن تايد الضربة من عدمها هو جزء من الموقف العربي الذي وبكل صدق لن يغير من قرار الادارة الامريكية بشيء ؟ وعتبنا على الذين ينظرون معتقدين اننا كالصين او روسيا لنتخذا قرارا بافيتوا نعطل به قرارات اممية.
الاردنيون اولى بتفكيرهم بمصلحة الوطن والشعب الذي انهك بقضية الانصار والمهاجرين , فنحن لا نريد ان نصبح انصار الكرة الارضية , بل نريد حاضر ومستقبل ابنائنا الذين بدى على وجوههم اليأس والحرمان والخوف من المستقبل . ؟
احيي الرئيس على صراحته وجرأته , فلا يعاب على الرئيس ما تحدث به بل على العكس كان الاكثر وضوحا ومصداقية .