النواب يلعبون« بعدّاد عُمرهم» بالشعبوية
عمر كلاب
16-09-2013 03:41 AM
يعيش مجلس النواب لحظات التباس وهالات سوداء , تقوده الى منزلقات شعبية وسياسية تُسهم في تقصير عمره الشعبي حتى لو اكمل مدته الدستورية , والعمر الشعبي اكثر اهمية للنواب الراغبين بتسجيل وجودهم في الحياة السياسية التي لا ترتبط بتعداد الدورات التي عاشها النائب تحت القبة بقدر ما تُحسب بالخبرات والمواقف التي سجلّها تحتها , فثمة فرق واسع بين الخدمة في مجلس النواب كعضو فيه وبين الخبرة من العمل فيه , وهناك من قضى دورة واحدة والناس تذكره وهناك من بات مزمنا تحت القبة ولا يذكره الناس خارج اطار حارته .
اكثر الالتباسات التي يعيشها النواب هو التباس الشعبية والسعي خلفها دون قراءة الاضرار اللاحقة على البلد كلها وعلى ذاته بكل تفريعاتها , فمن أقر قانون الصوت الواحد في 1993 غازل شعبية جارفة وقتها تُطالب بتقليم اظافر الحركة الاسلامية وتمنح المحافظات سطوة عددية على حساب العاصمة لغايات ديمغرافية وسياسية , لكنه الآن يعيش اسوأ لحظاته الشعبية بعد ان اثبتت التجربة ان القانون السابق كان وبالا على كل المكونات الاجتماعية والسياسية وصار القانون المطلوب وقتها , قفصا احتجز بداخله مرحلة سياسية بكل تفاصيلها فصارت الضوء الطالع من الصوت الواحد هالات سوداء تحتجز راغبها ورأينا جميعا مخرجات الصوت الواحد في البرلمان الثالث عشر , بوصفه البرلمان الذي شهد اكبر مقاطعة سياسية في التاريخ البرلماني الحديث .
ركض النواب نحو شعبوية زائفة في قوانين مصيرية انتج حالة تكاد تكون فريدة في العالم العربي وشرق المتوسط وهي حالة تغيير اعضاء مجلس النواب بنسبة تقارب 70 – 80 % في كل دورة , لأن شكل تعاطي النواب مع القوانين يتم اما بوصاية خارجية او بشعبوية مناطقية ضيقة دون مراعاة المستقبل ومن يراجع قوانين مصيرية مثل المالكين والمستاجرين والضمان الاجتماعي والضريبة والمطبوعات يرى كيف ان اعمار القوانين الثقيلة قصير جدا ولا يتناسب مع حاجات المجتمع الاردني ولا يبني استقرارا تشريعيا وبالتالي بيئة اقتصادية جاذبة .
فقانون المالكين والمستأجرين وقانون الضريبة وقانون الضمان قوانين ضامنة لمنظومة الامان الاجتماعي والاقتصادي والتعاطي معها بشعبوية تُقارب الخِفّة يعني اننا امام حالة نيابية تقرأ الاردن بعين منطقتها فقط او بعين دورتها الحالية ومقدار الاستفادة من الدورة البرلمانية , اما مقدار انعكاس القانون على قطاعات شعبية واسعة سلبيا فهذا خارج حسابات النواب ولذلك يخرجون من كل دورة بسلسلة من الانتقادات وبخسائر موجعة على المقياس الشعبي وتتعمق المطالب بقصف عمر المجلس الذي يمارس عمله بالمياومة وليس بعقد شهري او سنوي .
ما يجري تحت قبة البرلمان من طيش وعنف لفظي واجرائي سيكون الاقل ضررا قياسا بالقوانين التي يجري التفاوض على اقرارها بتعيينات مناطقية او جهوية او ارضاءً لهذا الكارتيل الاقتصادي او لذاك , والناس لن تنسى المجلس النيابي الذي منح البراءة لكل ملفات المؤسسات المُحولة اليه دون موجبات مقنعة لقراراته , بل انحاز الناس الى انطباعهم الاول بأن مجلس النواب يمنح البراءة دون وصفة قانونية او منهجية ولن يصدق الناس ايضا كل الاعترافات اللاحقة بالخروج من دائرة الضغط او دائرة ال “ الو “ .
ربما نجح المجلس الحالي في الخروج من حادثة الرشاش الآلي سالما بل ربما استرد جزءًا من هيبته المهدورة صباح يوم اطلاق النار , لكنه سيرتد الى مربع الخسارات التي لا يمكن اصلاحها اذا مارس مناقشته للقوانين المفصلية بشعبوية او بمقايضة تعيين او تنفيع , وبمكافأة الخارج من سوق العمل بحثا عن عمل آخر , اسوة بالعامل الذي يخرج من العمل الى حديقة منزله او شرفة شقته او الى كرسي على مدخل حارته بعد ان حمل لقب متقاعد بشرف , او ساوى بين البنك والموظف البسيط في الضريبة او انحاز الى المالك على حساب المستأجر او العكس .
omarkallab@yahoo.com
الدستور