facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الولاء والانتماء


د. سامي الرشيد
15-09-2013 09:57 PM

ما هي أولويات الولاء لدى الأفراد هل هي للوطن أم للأمة وبعض الكيانات التي تتجاوزها المرتبطة بالأحزاب أو الدين والطبقة والتحيز الأيدولوجي أو التجمعات الأصغر من الدولة كالمدينة أو القرية أو العشيرة والطائفة والمؤسسة.... إلخ.

معظم الأفراد يدينون بشكل من أشكال الولاء للجهات الثلاث معاً ويسعون إلى إيجاد طريقة للجمع بينها، وإدارة أي اختلافات أو خلافات قد تنشب بينها، والتقليل من حجم التوتر الناجم عنها، الذي يوجد دوماً، لكنهم يعرفون أن الولاء للوطن يجب أن تكون له الأولوية وهو الأساس، لأنه لا يتعارض، بل يضم الأشكال والحالات الأخرى من الولاءات.

قال الرسول (صلهم) وهو يخرج من مكة، "والله إنك لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك لما خرجت".

فحب البلد الذي تربى فيه الإنسان، وصدق الإنتماء إليه ما هو إلاّ سلوك وعمل جاد من أجل الوطن.

الانتماء للوطن هو الانتماء للأرض والتراب والجذور، وهو مسقط الرأس، وهو الحلم لكل من تغرّب وتمنى يوماً أن يعود، وهو جزء من منظومة الأخلاق المتكاملة. لم يكن الوطن يوماً حزباً أو شخصاً يعنيه، والإنسان بغير وطن هو إنسان بلا تاريخ.

تعتبر قيمة الولاء والانتماء من العوامل الأصيلة التي تزكي الاستقرار وتدعم أركانه، عبر مساهمتها في كسب رضا الجماهير الغفيرة ودفعها إلى الالتفاف حول المصلحة الوطنية العليا.

تهتم النظم المستبدة، المحافظ منها والثوري وكذلك النظم الديمقراطية بقضية الولاء، ففي الدول التي تحتكر مجموعة محددة السلطة، ويقل فيها معدل دوران النخبة السياسية أو تلك التي تفتقد إلى تداول السلطة بشكل منظم ومحدد بناء على إجراءات متفق عليها، نابعة عن عقد اجتماعي عادل مبرم بين السلطة والجماهير، يصبح الاستقرار بمعنى تكريس الوضع القائم، هو الهدف الأساسي للسلطة الحاكمة، فتحاول عبر إعلامها أن تقدمه على أنه غاية في حد ذاته.

النظم الثورية تحتاج إلى الولاء لتجنيد الناس وتعبئتهم خلف مواقفها الرامية إلى إحداث تغييرات جذرية في بعض المجالات.

أما الدول الديمقراطية فهي تحتاج الولاء لحشد الناس وراء مشروعات التنمية الاقتصادية والسياسية، وإعلاء حقوق المواطنة ولكن جميع النظم تحتاج إلى ولاء شعوبها أيام الأزمات الداخلية والخارجية.
لا يسير الولاء في اتجاه واحد داخل الدولة الواحدة، أو يذهب إلى جهة واحدة، إذ لا يتفق المواطنون كافة على الإخلاص لرمز أو قيمة أو فكرة أو أيديولوجياً واحدة، وعندما تتعدد الانتماءات وتتشابك الولاءات ويصبح لدينا نسيج عريض من التحيزات العاطفية والمعرفية داخل حدود الدولة الواحدة وفي ربوع المجتمع الواحد.

هذا الافتراض يقوم على مقولة أو حكمة عامة تصل إلى حد أن تكون مذهباً، بل ترقى إلى مستوى القاعدة المسلم بها، وهي أن الاختلاف سنة الحياة، فإن هناك أسباباً عديدة تؤدي إلى تباين الولاءات بين الناس، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تعدد ركائز القوة وانتشارها وتنوع الأفكار واختلاف البيئات النفسية والاجتماعية للأفراد.

القوة المادية والمعنوية لا تتركز في فرد واحد أو مجموعة واحدة، وإنما تنتشر بين أفراد عدة ومجموعات عديدة، فهذا يستمد قوته من منصب سياسي يتبوأه، وهذا يستند في نفوذه إلى صيت أو سمعة طيبة، وذلك يمتلك ثروة طائلة، تجعله قادراً على التأثير الاجتماعي أو يحمل في عقله معرفة دينية أو دنيوية تجلب له المكانة الاجتماعية.

الأفكار ليست نمطاً واحداً وإنما ألوان عديدة، فبالنسبة للنوع هناك التقليدي والتحديثي، وبالنسبة للاتجاه نجد اليميني واليساري، ومن يقف في منتصف الطريق أو متبع طرق ثالث.

أما بالنسبة للتصنيف القيمي هناك المتطرف والمعتدل، ويندرج هذا جميعاً تحت مسميات ثقافية عامة، مثل ديني وعلماني، كما يختلف الأفراد من حيث البيئة الاجتماعية التي ينتمون إليها، فهناك الريفي وهناك الحضري، ومن حيث التصنيف الطبقي نجد الناس تتفاوت بين الفقر المدقع والثراء الفاحش، وهما طرفان متناقضان بينهما عشرات المستويات التي تظهر إلى حد بعيد مدى تعقد الوضع الطبيعي إذا ما تم تحديده على أساس الدخل.

هذا التفاوت والتشابك يؤدي في النهاية إلى تعدد التحيزات العقلية والميول النفسية للأفراد لتباين خلفياتهم من جهة وتعارض مصالحهم من جهة ثانية، ومن ثم تتعدد ولاءاتهم.

قد يبدو ذلك في نظر البعض طريقاً للتفسّخ والتضارب بين مختلف الشرائح الاجتماعية، مما يسبب قلاقل متوالية للنظام السياسي، لكن النظرة المتأنية يمكن أن تقود إلى رأي متناقض مع هذا إلى حد بعيد.

فاختلاف الولاءات إن كان يتم تحت راية إطار عام أو أرضية مشتركة، يؤدي بالتالي إلى تفاعل قوى المجتمع مع بعضها البعض بشكل أفقي، بحيث يتكفل كل منها بالآخر، مما يقلل من إمكانية أن تسير الإرادة المجتمعة بشكل رأسي، لإزاحة السلطة الحاكمة وحين تفشل هذه السلطة في الحفاظ على ذلك التوازن، يحدث الانقطاع الحاد للرحلة الطبيعية للمجتمع، كأن تقوم ثورة أو اضطرابات أو مطالبات لتغيير السلطة أو النظام.

حتى تتفادى ذلك لابد أن نطالب بالحرية المسؤولة، فهي الغذاء الضروري لحياتنا وليكون لدينا العدالة الاجتماعية بحيث يكون الجميع مسؤولين أمام القانون لا تمييز بينهم ولا فرق حتى يعمل الجميع لبناء وطن وأرض خضراء مليئة بالحب والعمل والإيمان والإنتاج، يتسع للجميع الذين يعيشون به ويتفيأون ظلاله ويستنشقون هواءه ويشربون من مائه.
قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي

dr.sami.alrashid@gmail.com





  • 1 .. 15-09-2013 | 10:13 PM

    رائع

  • 2 ......... 16-09-2013 | 05:00 AM

    شو الفايدة من هيك حكي......


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :