سوريا: اللعب بالكبار .. !!
د.احمد القطامين
15-09-2013 09:51 PM
شهد الاسبوع الماضي تطورات من المتوقع ان تكون ذات ابعاد استراتيجية هامة في المسألة السورية. فبينما صعَدت الولايات المتحدة والدولة التابعة لها حول العالم من لهجتها العِدائية تجاه سوريا مهددةً بتوجيه ضربات قوية اليها، تحركت الجبهة المساندة لسوريا بقيادة روسيا واعلنت عن مقترح الاشراف الدولي على السلاح الكيماوي السوري الذي ادى الى سحب مباشر وكامل للبِساط من تحت اقدام الرئيس الامريكي اوباما وإصابة فكرة الضربات الجوية لسوريا بالاحباط المميت.
لقد ادت الحركة الذكية التي قام بها الاسد من خلال الروس الى استبدال الازمة السورية برمتها بمجرد نزاع على امتلاك سوريا للاسلحة الكيماوية وضرورة ان توضع تحت التصرف الدولي تمهيدا لتدميرها وهذا ما تبلور بالضبط اليوم في جنيف من خلال الاتفاق بين وزراء خارجية روسيا وامريكا.
اوباما، الرئيس المُثقل بالقيود بسبب التاريخ الفاشل للتجارب الامريكية في غزو الدول الاخرى من جهة وبسبب المعارضة الشعبية الواسعة للتورط العسكري في سوريا وتردد الكونغرس في منحه الدعم للقيام بتلك الغزوة.. وجد في الاقتراح الروسي مخرجاً نفسياً متاحاً وفورياً من الازمة التي اصبحت تثقِل كاهل الرئيس المتردد والخائف من تَبعات إعادة امريكا الى الحالة التي يدعي انه اخرجها منها.
كل هذا السيناريو أخذ الدول الخليجية وخاصة السعودية وقطر على حين غرة.. فبينما لم تستطع الدولتان بالرغم من التوظيف الواسع للموار المالية الهائلة في السنتين الماضيتين من تحقيق النصر على الاسد.
الا انهما وجدتا في الاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي في غوطة دمشق الشرقية نقطة تحول تاريخية اعتقدتا انها ستقضي على نظام الاسد في سوريا وذلك باستدراج القوة الامريكية الهائلة المتواجدة في مناطق عديدة في الاقليم لضرب نظام الاسد وإسقاطة اوإضعافه تمهيدا لتقديم المزيد من الدعم لمسلحي المعارضة لتمكينهم من السيطرة الكاملة على سوريا وإسقاط النظام.
لقد ادى تراجع حدة الانزلاق نحو توجيه الضربات الامريكية الى سوريا الى إحباط خليجي كبير، خاصة ان الدول الخليجية راهنت كثيرا على فكرة اسقاط النظام في سوريا وبالتالي انجاز نصر كبير ضمن الحرب غير المعلنة على نظام الجمهورية الاسلامية في ايران التي تشكل تهديدا خطيرا ودائما لأمن الدول العربية في الخليج من وجهة نظر هذه الدول.
ان خلاصة تطورات الايام الماضية تشير الى عدة نتائج مهمة، فقد اصبح من المؤكد الآن ان نظام الاسد لن يسقط في المدى المنظور وان الدول الخليجية لا تمتلك الامكانات والادوات العسكرية لإسقاطه.
كما ان الكفة لا زالت تميل لصالح الجيش السوري في ميادين القتال وإن إفلات النظام من ان يتم اسقاطه بسبب استخدامه المزعوم للاسلحة الكيماوية سيؤدي بالضرورة الى تقويته مما سينعكس على الميزان العسكري الميداني في طول سوريا وعرضها.
خلاصة الحديث ان الاسد الذي كان مرشحا لتلقي ضربة قاصمة استطاع ان يخلق سدا هائلا امام تلك الضربة وهو يعلم بالطبع ان الغرب وحلفاءه في المنطقة لا يهمهم كثيرا سوريا واستقراراها وان اولويات الغرب تتمحور حول حماية اسرائيل وازالة السلاح الكيماوي السوري الذي كان على مر العقود الماضية يشكل سلاحا رادعا يمنع اسرائيل من الشعور بالامن على حدودها الشمالية ويشكل توازنا عسكريا معها.
qatamin8@hotmail.com