حادث مروع سببه الإستهتار بحياة البشر
15-09-2013 05:59 PM
شاب لا يتجاوز عمره خمسة وعشرون عاماً بكر والديه ، وقد تربى بين والديه وأخوته وأخواته يسكن في احدى المخيمات الفلسطينيه ، اراد والديه ان يزوجوه مبكراً حتى يفرحوا به وينجب لهم احفاداً يملأؤن عليهم البيت ، تعرفت على هذا الشاب في مكان عملي حيث تقدم قبل أيام ، بطلب عمل ووافقت على تعينه الإداره مراسلاً ينظف وينقل المراسلات بين الأقسام ، وهو يحمل شهادة كليه في هندسة المساحه .
كان في تعامله مع موظفي الشركه مميزاً عن غيره في موقع العمل ، يحترمونه ، وبعض الموظفين يستحي ان يطلب منه خدمه لا تتناسب مع الشهاده التي يحملها ، رغم انه قد تقبل الوظيفه دون اي احراج او خجل ، فهو يريد ان يتعالى عن ثقافة العيب، وان يخرج من ثوب البطاله المقنعه المنتشره في بلادنا وهي في ازدياد مستمر ، وأن يتمرد على عاداتنا وتقاليدنا ، كان متشجعاً ومرتاح من الوظيفه الجديده التي يعمل بها ، ويقول للمقربين اليه انه مرتاح في عمله ، وسوف يستأجر بيتا متواضعا يسكن فيه وزوجته ما دام اصبح لديه دخل يعيله وزوجته.
كان طارق صادقاً في تعامله ، اذا وعد اوفى ، وسريعاً في اتمام أي مهمه توكل اليه في العمل ، وصفه أحد الزملاء بأنه شعلة نشاط ، وقمة في الصدق والأخلاق ، ووصفه آخر من معارفه المقربين اليه ، بأنه مطيع لوالديه ومحب ومخلص لزوجته ،يؤدي الصلوات الخمس ، وقيل ايضاً أنه ووالده معروفين في المخيم الذين يسكنون فيه ، وأن معظم سكان المخيم يعرفون ويجلون ويحترمون طارق وابو طارق ، وهم في موضع احترام الجميع .
لم يمض على تعيينه في عمله الجديد عشرة ايام ، حتى وصلني الخبر السيء في صباح يوم الإثنين 2/9/2013 بأن طارق قد تعرض لحادث ومعه والدته وزوجته وآخرين من اقاربه ، وقد تسبب الحادث بوفاة طارق واربعه من اقربائه ، بينهم والدته قد توفيت ، وزوجته قد اصيبت وهي بين الحياة والموت ، وتوفيت كذلك من بين الخمسه طفله تبلغ من العمر سنتين، رحم الله تعالى من توفاهم الله (طارق ومن معه ) ، واسكنهم فسيح جناته .
كان سبب الحادث المؤلم انهم واثناء عودتهم الساعه الثانية عشر ليلاً من مناسبة عرس وإذ بسيارة جمس عليها نمره اردنيه، والسائق اردني قد استعاره من صاحبه ، ونتيجة السرعه الزائده وعند نزول ما بعد صافوط وعلى المنحنى قفز الجمس عن الجزيره الى المسار الثاني واصطدم بالسياره وهي صغيرة الحجم ثم ضربت السياره بالجدار المقابل ثم فقد السائق السيطره وعاد الجمس ليخبط السياره مره ثانيه وانتهى الأمر ان جثم الجمس فوق المركبه الصغيره وكانت سرعة سائق الجمس 160 كم ، وتم إخراج الجثث وقد حدثني من حضر انه من الصعوبة بكان ان يستطيع أحد أن ينظر اليهما وهم تحت الجمس ، وكذلك بعد إخراجهم من تحت الجمس ، وقيل أن السائق اصيب ببعض الجروح ونقل الجميع الى المستشفى ، ندعوا الله الشفاء العاجل للجرحى ، والرحمه لمن توفاهم الله تعالى ، اللهم ارحمهم وأكرم نزلهم وثبتهم عند السؤال ، انه كريم على خلقه وجواد في عطائه .
بعد هذا الحادث المفجع والذي اذهل جموعاً من البشر ممن يعرفون طارق ومن معه ، وكان الحدث جللاً والله سبحانه قدر ذلك ، ولكن ليس معنى هذا ان لا يمر المتسبب دون عقاب ، فمن ازهق خمسة ارواح نتيجة عدم التقيد يالسرعه المسموحه ، والسير بسرعه عاليه جداً تزيد عن 160كم ، هذا نوع من الإستهتار بحياة البشر، نعرف بأن ما حدث هو قضاء وقدر ، وان سائق سيارة الجمس لا يطيب له ما حدث او يتمناه لأحد ، لكن الإستهتار بالقياده السليمه وعدم التقيد بالسرعه المسموحه افقده البصر والبصيره ، ومن هذا المنبر الموقر نهيب بكل من يسوق مركبه ، وانا واحد منهم ان يتقوا الله في قيادتهم لمركباتهم ، وأن يتقيدوا بالسرعه المسموحه ، والإشارات المروريه المثبته على الطرقات ، وأوجه ندائي الى الأباء والأمهات بأن لا يسلّموا سياراتهم لإولادهم وبناتهم الذين لا يحملون رخص قياده ، أو يحملونها وهم ضعاف في قيادة السيارات ، ففي هذه الأيام كثرت الحوادث المفجعه في كل انحاء مملكتنا الحبيبه فليس أن يقود ابنك السياره وهو لا يحسن القياده ، هو عمل بطولي أو حضاري وهومحمود عند العقلاء .
ما معنى ان تسلم ابنك سياره أو يأخذ المفاتيح من الوالده أو يسرقها ويعمل عنها نسخاً، هذا عمل اجرامي مادمت تهمل في ذلك وتشجع ذلك او تسلمه تحت الضغوط العائليه حتى يقال : والله فلان بن علان صار يسوق سياره ، ليس هذا بتصرف عقلاني أو حضاري ولا أخلاقي ، انما هو تخلف عقلي ، مادام الخطأ وبمعنى ادق الخطيئه قد يعقبها جريمه قتل او تتسبب في اعاقه او جروح لبعض البشربسبب بعض المراهقين الذين يتسببون في الحوادث الخطيره ، او يقدر الله السلامه فيها . في كل يوم ، صباحاً ومساءً نلحظ مراهقين صغار يقودون المركبات ، وفي بعض الحالات حيث ان السائق صغيراً لا تراه خلف المقود الا اذا كانت سيارتك تسير بجانبه ، فتحسب ان السياره تسير بدون سائق ، وحين تكتشف الأمر تجد السائق صبياً لا يتعدى عمره الخامسة عشر سنه أو أقل من ذلك بكثير ، هذا الكلام لا اكتبه للقراء الكرام من أجل المطالعه فقط ، انما ارسله صرخة مدوية تصب في آذان الأباء والأمهات ان لا تأخذكم العزة بالإثم وتتهاونون في هذا الموضوع الهام والخطير، وهل هناك أخطر من ان تعرض نفساً بريئه للموت ؟!!! نتيجة غض الطرف عن تصرفات ابنائكم وبناتكم في قيادة السيارات قصراً ، وإذا رزقكم رب العباد المال الوفير ووسع عليكم رزقه ، فليس معنى هذا ان نشجع أو نسمح بهذا التصرف غير الأخلاقي ، علينا أن نوجه هذا المال الحلال الوجهه السليمه ، لأن المسلم في الأخره سوف يُسأل عن ماله من اين اكتسبه وفيما انفقه ؟ .
علينا نحن الأباء والأمهات أن نتق الله في تصرفات ابنائنا وبناتنا في هذا المضمار ، وأن نخاف على الأخرين مثلما نخاف على انفسنا وأبنائنا ، ونذكّر الأباء والأمهات بقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) . ليس هناك دين او عقيده او فكر يدعوا للإستهتار بأرواح البشر ، انما كل الأديان المنزّله من السماء على البشر وعلى هذه البسيطه ، تلتقي كلها على طريق السمو بالروح البشريه والمحافظه عليها ، لذلك ندعوا كل من يقود مركبه أن يتق الله في قيادة مركبته ، وأن يحافظ عليها من عبث المراهقين في اسرته ، وأن لا يتهاون في تسليم سيارته الاّ لمن يحسن استعمالها ، ويضع مخافة الله بين عينيه ، ولا نحمل الخلق اكثر مما يحتمل ، فالله سبحانه رؤوف بخلقه قال تعالى( ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ) .
ما احوجنا ان نقف مع انفسنا ونتفهم هذه الأيه الكريمه ، وما اكثر الآيات في القرآن الكريم واالأحاديث في السنه النبويه الشريفه ، والتي تحثنا على احترام الروح البشريه والمحافظه عليها وعدم الإعتداء عليها بطريقه مباشره أو غير مباشره نتيجة خطيئه ترتكب تهلك الروح البشريه البريئه ، ارجوالله لي ولكم الهدايه ، وأن يبعد عنا ويقينا شر الحوادث ، وأن يهدي الجميع سبل الخير والرشاد ...