معالي الأمين: عمان نريدها أجمل وأنظف
جهاد المنسي
15-09-2013 03:57 PM
بعد أن انفض السامر، وعُيّن أمين جديد لعاصمتنا الحبيبة عمان، من حقنا، نحن العمانيين، أن نضع أمام عمدة مدينتنا الجديد عقل بلتاجي ملفات رأيناها خلال السنوات الماضية، فأصبحت تجرح كبرياء المدينة وتسيء لها، وتؤرق مشاعر سكانها.
لا نريد أن تتخلى عاصمتنا عن أمومتها للجميع، وإنما نطمح لإدامة خدماتها ومساعدة كل محافظات المملكة، كما لا نريد أن نتخلى عن أنسنة وسط البلد، وإنما نريد تعزيز الحضور الثقافي والفني والمجتمعي في أركان المكان.
لكننا نقول مللنا المكعبات الحجرية الكثيرة التي أصبحت تنوء بها العاصمة، ولهذا نريد مجالا للخضرة والياسمين والزنبق، ونريد أن يعود لسيلنا بريقه، ولوسط البلد حيويته، وشارع طلال ديمومته، نريد أن تبقى مقاهي وسط البلد كما هي تحتفظ بعبق الزمان، وتتواصل مع الحاضر، نريد عندما نمشي من أمام مكان ما في وسط عاصمتنا أن نقول هنا كان يقام كذا وكذا قبل 50 عاما. لا نريد إزالة موروث يجب أن نحافظ عليه ونبقيه في الوجدان، كما لا نريد أن نزرع موروثا جديدا لا يدوم طويلا. نريد عاصمة متجددة ولكنها في الوقت عينه تحتفظ بتاريخها.
معالي الأمين الجديد؛ نريد نعم أنسنة المكان، ونطمح أن يحافظ وسط البلد على شعبويته، وشارع الرينبو على شكله، والقلعة على وضعها، ولكننا أيضا نريد أن ننهي من شوارع عاصمتنا الممتدة من اليادودة جنوبا إلى صافوط شمالا، ومن عراق الأمير إلى مرج الحمام إلى أبو صياح، شرقا وغربا مشاكل النظافة والملاعب والشوارع المكسرة.
يسوء أحيانا أن نُخبا سياسية، تعتقد أن عمان ذات الثلاثة ملايين نسمة تحصل على نصيب الأسد من الخدمات، وهؤلاء للأسف لا يعرفون جبال عمان وحاراتها وما تعانيه من مشاكل بيئية وصحية وخدمية، وإنسانية.
كثير من هؤلاء يأخذون على الحكومات المختلفة أن الخدمات مكدسة في عمان، ويقولون موجهين كلامهم لمسؤول ما أو وزير، إننا (يعني هم) نريد شوارعنا كشوارع عمان، ونريد ملاعب وحدائق وغيرها.
هؤلاء يرون عمان من مرآة دابوق، ودير غبار، وعبدون، ولكنهم لا يعرفون الكثير عن وادي الحدادة، وجبل النظيف، وحي المصاروة، والمهاجرين، والجوفة، والشعيلية، والقلعة، والنصر، وجبل الزهور، وأم نوارة وغيرها.
هؤلاء لا يعرفون أن عشرات آلاف من أطفال تلك المناطق لا يجدون متنفسا يذهبون إليه، ولا يعرفون أن شوارع أحياء في عمان يرثى لها، والحفر فيها متلاصقة من زمن بعيد، وأن شوارع وأحياء ومناطق في المملكة أفضل عشرات المرات من شوارع بعض أحياء مدينتنا وعاصمتنا الحبيبة، هؤلاء يعتقدون أن المياه في عمان لا تنقطع، وأن الكهرباء موصولة دوما، والنفايات لا تتكدس، وحاويات القمامة لا تنوء بما تحمل.
نريد من عمدة المدينة الجديد أن ينظر لكل عمان، لشوارعها وحاراتها التي نسي بعضها الزمن، ويوسع الخدمات لتصل للجميع بحيث يشعر بها الفقير والوزير على حد سواء.
عندما نقول عمان نقصد كل عمان، من أقصاها لأقصاها. لذلك من حقنا نحن سكان عمان ومن كانت لنا عمان مرابع الصبا وياسمينة العشق الأبدي، فعشقنا حاراتها عندما كان للحارة طعم ومذاق مختلف عن الحاضر الذي نعيش، أن نطالب بأن يعود لحبيبتنا عمان بريقها ولحاراتها ليالي أنسها ومودتها.
قال لي عمدة عمان الأسبق ممدوح العبادي "كنت أعمل على أن تصل خدماتنا لكل شبر في عمان، وكنت أحرص على أن تتمتع المناطق البعيدة عن المركز بنفس القدر من الخدمات الذي تتمتع به عبدون، والصويفية، ولهذا توجهت إلى شرق عمان وحرصت على فتح شوارع فيها وإقامة ملاعب.
هي رؤية حافظ عليها العبادي طوال مدة أمانته للعاصمة، ولكن اليوم الحال مختلف، توسعت المدينة، وثقلت الأعباء، وارتفع حجم المصاريف، وزادت المديونية، وتكدست النفايات، والأمانة تنوء بموظفيها الذين لا يجدون مكاتب يجلسون عليها ولكن بلا خدمات.
بعيدا عما يقال وما لا يقال فإننا، نحن العمانيين، نريد لعاصمتنا أن ترفل في ريعان الصبا ولا نريدها أن تصل لمرحلة الكهولة أبدا، نريدها دوما متوردة يفوح من بين ثناياها الياسمين والعطر والزنبق.
Jihad.mansi@alghad.jo
"الغد"