عمون - السياسة الكويتية - دخلت الازمة السورية, امس, منعطفا جديدا ربما يغير مسارها برمته, مع اطلاق مبادرة اخضاع سلاح النظام السوري الكيماوي لرقابة الأمم المتحدة تمهيدا لتدميره, وهو ما أكدت جهة عربية عليا ل¯ "السياسة" نقلا عن مسؤول اسرائيلي افاد ان الاقتراح هو "مبادرة تقدمت بها منذ بضعة ايام تل ابيب الى موسكو التي رأت فيها نافذة لتجنيب حليفها في المنطقة ضربة عسكرية ربما تقلب موازين القوى برمتها".
هذا التطور الذي رأت فيه مصادر متابعة انه "لا يعفي نظام دمشق من المحاسبة الدولية على استخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين والمعارضين في عدد من المناطق", جاء بالتزامن مع بدء الكونغرس الاميركي مناقشة اقتراح الرئيس باراك اوباما توجيه ضربة عسكرية الى نظام الاسد تمنعه "مستقبلا من استخدام المحرم دوليا", في وقت سيكون اول تصويت للكونغرس على قرار الضربة غدا.وكان وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وسورية وليد المعلم اعلنا خلال على التوالي عن مبادرة اخضاع السلاح الكيماوي السوري للرقابة الدولية, بعد تصريح ادلى به في لندن وزير الخارجية الاميركي جون كيري قبل مغادرته الى واشنطن, حيث أجاب عن سؤال صحافي حول كيفية تجنب سورية الضربة بقوله: "إن نظام الرئيس السوري بشار الاسد بإمكانه تجنب الضربات اذا ما بادر الى وضع ترسانته من الأسلحة الكيماوية تحت مراقبة دولية(...) ويستطيع تسليم ترسانته الكيماوية كلها الى المجتمع الدولي خلال الاسبوع المقبل, تسليم كل شيء ومن دون ابطاء".
وفي حين اعتبرت متحدثة باسم الابيض ان "رد كيري على السؤال هو جواب افتراضي", أعلن المعلم موقفاً يلتقي مع هذا التصريح وذلك بقوله ان بلاده "توافق على المبادرة الروسية", بينما أعلنت متحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان "الوزير جون كيري اجرى اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي سيرغي لافروف بحثا خلاله المبادرة الروسية".
وفي تأكيد لما كشفته الجهة العربية العليا ل¯ "السياسة", نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية عن مسؤول اسرائيلي رفض الكشف عن اسمه دعم تل ابيب الجهود الديبلوماسية لمنع توجيه ضربة عسكرية ضد دمشق مقابل موافقة النظام السوري على تسليم جميع الأسلحة الكيماوية. وقال: "يعد هذا هو الحل الأفضل حتى بالنسبة الى اسرائيل", فيما فسر مراقبون الموقف الروسي الايجابي والمتحمس لهذه المبادرة بأنه اعتراف غير مباشر من موسكو بمسؤولية قوات النظام السوري عن مجزرة الكيماوي التي وقعت في اغسطس الماضي.وترافق هذا الموقف مع قول مستشارة الامن القومي سوزان رايس:" ان الولايات المتحدة حصلت على دعم دولي للقيام بعمل عسكري ضد نظام الاسد", مشيرة الى ان استخدام السلاح الكيماوي يهدد الامن القومي الاميركي", فيما اعلن البيت الابيض "ان 14 دولة اخرى وقعت على بيان يدين سورية ومن بين الدول الاضافية الامارات وقطر, ما يرفع اجمالي من يدعمون هذا البيان الى 25 دولة".وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف, قال في تصريح مقتضب بعد ساعات قليلة على لقائه نظيره السوري وليد المعلم: "ندعو القادة السوريين ليس فقط الى الموافقة على وضع مخزون سورية من الاسلحة الكيماوية تحت مراقبة دولية, ثم التخلص منه, لكن ايضا الى الانضمام بالكامل الى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية".في المقابل, دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى "اقامة مناطق في سورية تشرف عليها الامم المتحدة يتم فيها التخلص من الاسلحة الكيماوية".
وقال انه قد يقدم هذا الاقتراح الى مجلس الامن الدولي" إذا ما اكد المفتشون الدوليون استخدام اسلحة كيماوية في سورية وكمسعى للتخلص من الشلل المحرج الذي يعاني منه مجلس الامن حيال الازمة السورية".وفي لندن, رحب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالاقتراح الروسي. وقال:"إذا كان الأمر كذلك فإنه سيكون موضع ترحيب كبير".لكن رغم هذه المواقف المرحبة بالاقتراح الجديد, اتهم رئيس هيئة اركان الجيش السوري الحر اللواء سليم ادريس موسكو ودمشق بـ "الكذب والخداع". وحذر ادريس في اتصال مع قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية" الاميركيين من الوقوع في شرك الخديعة والتضليل".وقال "نطالب بالضربات, نطالب بالضربات, ونقول للمجتمع الدولي هذا النظام كذاب و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يعلمهم الكذب, بوتين أكبر كذاب".التطور الجديد في الازمة السورية لم يغلق الباب امام التحرك العسكري المتوقع, اذ لا تزال الاستعدادات الميدانية الغربية على قدم وساق في البحر الابيض المتوسط وبعض الدول المجاورة لسورية, مع استمرار المعارك بين قوات المعارضة والجيش السوري في اكثر من مدينة وقرية.