تستحق مبادرة "من أجل عمّان: 101" أن ندعمها جميعاً، ونكون جزءاً منها؛ فهي مبادرة تتخطّى بالفعل حاجز الحديث العام السلبي عن أحوال عمان، وما ينتابنا، نحن سكان المدينة وأبناءها، من مشاعر ملتبسة، بين حب وعشق لها، وأمل في تطويرها، وخوف عليها من النمو العشوائي والتخبط الإداري، والتراجع في مستوى الخدمات، وغياب الشفافية عن أمانتها، والأهم من هذا وذاك الحجر على حق أهلها في اختيار "عمدتها"، حتى يصبح اسمه أحجية سياسية، ومداراً للتلاعب بين مراكز القرار والقوى، بدلاً من أن يأتي عن طريق الانتخاب الحرّ من قبل سكانها، وفقاً لبرنامج يعكس طموحهم، وحقهم في تطوير مدينتهم وتنظيمها.
أطلقت المجموعة الشبابية التي تتبنّى المبادرة عليها الرقم "101" لتذكير المواطنين بالعمر الزمني المرتبط بنشوء أمانة عمان الكبيرة؛ كما يشير منسّق المبادرة، نبيل أبو عطا، في تصريحاته لـ"الغد" (أول من أمس).
لم أجد في التعريف بفكرة المبادرة الرئيسة أفضل من "النص" الذي كُتب على موقعها الالكتروني نفسه ( http://amman101.com/ar)، تحت عنوان "من أنا":
"انا شاب أردني يحلم بالعيش في مدينة مثالية تنعم بالمساواة والعدالة، حيث يحصل مواطنوها كلهم على الحقوق الأساسية كافة من دون تمييز أو انتقاص. إنني أحلم بمدينة منظمة وآمنة. أريد لكل عماني أن يفخر بعمّانيته، وأن لا يشعر للحظة واحدة بأنه أقل شأناً أو حظا من أي مواطن آخر يعيش في أي مدينة في العالم.
"لقد تم إطلاق هذه الحملة في هذا الموقع لأن رأيك مهم، وصوتك يجب أن يكون مسموعا، وطريقة عيشك لا بد أن تحترم. لا بد لنا أن نعرف حقوقنا ونحصل عليها جميعها، فيما نشارك جميعا بشكل إيجابي في تخطيط مستقبل مدينتنا وحياتنا.
"لقد أعطتني عمان الكثير في حياتي، ويؤلمني أن أراها اليوم تعاني النمو العشوائي، ويتم انتقاص قيمتها من قبل أشخاص يلوثون بيئتها وينغصون، بإهمالهم وعدم اكتراثهم، عيش أهلها، بينما نرى آخرين يتاجرون بطبيعتها، ويفتتون أراضيها، ويخنقون روابيها، من أجل الكسب السريع من دون أدنى مراعاة لسحر المدينة وتاريخها.
"تستحق عمان منا أن ندللها ونخاف عليها، تماما كما يفعل الفرنسيون حيال باريس. وأن نصون تراثها ليبقى للأبد، تماما كما تشهد روما اليوم على عظمة أيام قيصر.
"عائلتي التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى أخذت قرار العيش في عمان والانتماء لها. وقد توفرت لي الفرصة بعد الدراسة في الخارج لاختيار العيش في مدينة كبيرة تلبي أمنياتي في حياة سهلة ونظامية. لكني تنازلت عن هذا الخيار لقناعتي بأن أحلامي وتمنياتي يجب أن تتحقق في مدينتي ووطني، بين أهلي وأصدقائي وأهل المدينة الذين أهتم بهم ويعنونني.
"لقد اخترت أن أبقى في عمان. لكن بدل الجلوس في المقعد الخلفي، اخترت أن أقود المركبة، وأعلن رغبتي في صناعة التغيير والتأثير الحقيقي في كل ما يعني مستقبلي ومستقبل مدينتي.
"اليد الواحدة لا تصفق. لذا، وجب أن يكون هذا الجهد جماعيا. وليشاركني في حماستي كل من يشعر تجاه مستقبل عمان بما أشعر، وليضف أهل عمان انطباعاتهم وأفكارهم واقتراحاتهم هنا، من أجل تغيير حقيقي وفعّال".
تعكس هذه المبادرة وعياً إيجابياً مدينياً عميقاً بمفهوم المواطنة والحقوق الأساسية؛ كما بأهمية البلديات، وفلسفة المكان التي تتجاوز الجغرافيا، إلى الثقافة والجمال والأخلاق. وهي تحمل حساً بالمسؤولية، وتنبّه الطبقة الوسطى إلى ما يمكن أن تقوم به من دور فعّال، بدلاً من الاكتفاء بالشكوى والتذمّر!
m.aburumman@alghad.jo
الغد