المتابع للسجالات والنقاشات التي تشهدها ساحتنا الاردنية حول الازمة السورية من خلال اللقاءات الحوارية التي تجريها وسائل الاعلام المحلية وتحديدا الفضائيات مع شخصيات اردنية تمثل تنظيمات واتجاهات وتيارات مختلفة، يكتشف حجم الفجوة والتباعد في مواقف الاطراف المتحاورة بشأن هذه الازمة، بطريقة لا تجعلنا نصف ما يجري بينها حوارا بل نقاشا عقيما في ظل اصرار كل طرف على اعتبار رأيه او موقفه هو الصواب، منتهزا الفرصة لتسويق حجته والدفاع عنها بقوة حتى لو اقتضى الامر قذف (خصمه) باي من الادوات والاشياء الموجودة في متناوله على طاولة (النقاش) او قريبة منها. حتى ونحن نطالع المقالات الصحفية المتعلقة بهذا الموضوع نلحظ مثل هذا الاصرار والتفاوت الكبير في الاراء المطروحة. ورغم هذه الفجوة وعدم التلاقي حتى على ابسط الامور، تجد ان كل طرف من هذه الاطراف يعطي لنفسه الحق في تقييم الموقف الاردني الرسمي من الازمة ويتعاطى معه وفقا لمواقفه واتجاهاته ويحكم عليه. فاذا ما وجده منسجما مع طروحاته حكم عليه بالايجاب، وعكس ذلك هاجمه وطالب بتصويبه، حتى وان تعارض ذلك مع المصلحة الوطنية الاردنية. فاذا كانت هذه الاطراف غير متفقة اصلا على موقف واحد من الازمة.. فكيف تجيز لنفسها الحكم على الموقف الاردني الرسمي او تطالبه بالاخذ بوجهة نظرها التي هي مثار خلاف ولا تلقى التأييد والقبول من بقية الاطراف والمكونات المجتمعية والحزبية الاخرى ؟

كلنا تابع التصريحات الاردنية الرسمية والتي اكدت من البداية ان الاردن مع الحل السياسي السلمي في الوقت الذي كانت تدفع اطراف اقليمية ودولية اخرى باتجاه الحل العسكري، لا بل حاولت الزج بالاردن بهذه الازمة بحكم موقعه الجغرافي مستغلة اوضاعه المالية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة، ما يجعلنا لا نستبعد تعرض بلدنا لضغوط خارجية في ظل اعتماد اقتصادنا على المنح والمساعدات الخارجية.

ومع ذلك فان الموقف الاردني مع الحل السياسي ولن يكون جزءا من الازمة ولا طرفا فيها، ولا منطلقا لاي عمل عسكري ينطلق من اراضيه او عبر اجوائه. ولكن عندما حاول الاردن اخذ الاحتياطات والاستعدادات اللازمة لكافة الاحتمالات ومنها التزود باسلحة حديثة ومتطورة لحماية مواطنيه وحدوده، خرج من بيننا من يشكك في ذلك ويمنع على بلدنا اخذ مثل هذه الاجراءات والاستعدادات لاي سيناريو محتمل. حتى عندما اجرى الاردن مناورات عسكرية دأب على اجرائها بشكل اعتيادي، فاذا ببعض الاطراف اياها تبتكر وتخترع مواقف وتسقطها على الموقف الرسمي وتدعي ان هذا هو موقف الاردن من الازمة السورية، وتصوره على غير حقيقته. فلا تحملوا الاردن اكثر من طاقته، وموضوع ضرب سوريا من قبل الغرب لا سمح الله ليس قرارا اردنيا لنحمل بلدنا مسؤولية ذلك. فالمسألة تتعدى قدرات الاردن وامكاناته.

الراي