خمسة أهداف غيرت مسار كولومبيا
05-09-2013 12:22 PM
عمون - هل يمكن لخمسة أهداف أن تغير بلدا ما؟ بالتأكيد. ولاسيما إذا كانت تلك الأهداف في مرمى الأرجنتين ببوينس آيرس، ودفعت أساطير مثل بيليه ويوهان كرويف إلى التأكيد على أن كولومبيا قادرة على التتويج بلقب كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة.
تحول مسار كرة القدم على نحو غريب في ذلك اليوم، الخامس من أيلول/سبتمبر عام 1993 ، بانتصار بخمسة أهداف نظيفة حققته المفاجأة كولومبيا على استاد (مونومينتال) في الجولة الأخيرة من تصفيات أمريكا الجنوبية.
لكن لم تتغير وحدها كرة القدم الكولومبية ، التي قفزت إلى اهتمامات الصحافة العالمية ، بل بلد بأكمله ، حلم بالنصر واحتفى بعنف غير معتاد في يوم يمر عليه 20 عاما الخميس. احتفال أسقط 76 قتيلا ، فضلا عن نحو ألف مصاب.
بلغ المنتخب الكولومبي ، تحت قيادة فنية للمدرب فرانسيسكو ماتورانا ، نهاية التصفيات في صدارة منتخبات المجموعة الأولى بثماني نقاط ، مقابل سبع للأرجنتين وخمس لباراجواي ، فيما احتلت بيرو المركز الأخير من دون رصيد.
كانت اللوائح في ذلك التوقيت ، حيث كانت تقسم منتخبات أمريكا الجنوبية إلى مجموعتين ، تقضي بأن يتأهل متصدر المجموعة الأولى مباشرة إلى المونديال ، فيما يتحتم على صاحب المركز الثاني خوض دور فاصل.
ورغم أن كولومبيا كانت تملك نجوما مثل أوسكار كوردوبا وليونيل ألفاريز وكارلوس فالديراما وفريدي رينكون وفاوستينو أسبريا وأدولفو فالنسيا ، فإن اللعب في استضافة الأرجنتين بطلة العالم السابقة ، غير المستعدة للمخاطرة بفرصة التأهل إلى الولايات المتحدة ، مع التفكير بتحقيق انتصار كان أمرا صعبا للغاية. التعادل كان كافيا ، وذلك كان يقلل من الضغوط.
لكن الحقيقة في الملعب كانت مختلفة. هدفان لرينكون ومثلهما لأسبريا وآخر لفالنسيا أصابت كرة القدم العالمية بما يشبه الزلزال.
ويتذكر أبطال ذلك اليوم أنهم وصلوا إلى بوينس آيرس وهم يرزحون تحت ضغط الجماهير المضيفة التي كانت تقذف حافلتهم بالحجارة ، لكن بعد المباراة كان الأرجنتينون هم من وقفوا لتحية الكولومبيين.
وكان أحد المتفرجين الذين قاموا بالتحية هو دييجو مارادونا ، الذي لم يكن يلعب مع المنتخب في ذلك الحين ، وصرح بأن تلك المباراة لم تكن تتمتع بخصوصية لأن التاريخ يقول إن الأرجنتين دائما "أعلى" وكولومبيا "أسفل" في كرة القدم.
ودفع الانتصار العريض مارادونا إلى العودة إلى المنتخب الذي كان يتولى تدريبه ألفيو باسيلي ، وبمساعدته حصلت الأرجنتين على تذكرة التأهل إلى الولايات المتحدة بعد التفوق على أستراليا في الدور الفاصل.
ودفع تألق النجوم الكولومبيين أمام منافس بهذه القوة ، بيليه لاعتبار أبناء ماتورانا المرشح الأقوى للفوز بالمونديال.
وكان لتصريحات "الجوهرة السوداء" تأثير أكبر مما بدا ، فقد أضرت عناوين الصحف باللاعبين ، بحسب ما قالته الصحافة الكولومبية ، ولم يكن ممكنا أن يمضي مونديال الولايات المتحدة بصورة أسوأ.
واعترف هيرنان داريو جوميز ، مساعد ماتورانا ، للصحفي ماوريسيو سيلفا صاحب كتاب "5/صفر"، بأن الأمور "بدأت في الخروج عن السيطرة" بسبب سلوك اللاعبين.
وقال جوميز :"دائما ما لاحظت كيف مضت كرة ثلج التوقعات تكبر ، وعود بمكافآت ، وانتقادات ، وسادت فكرة أننا المنتخب الأفضل في العالم. حينها ، بدأ الفريق يتفكك".
وكشف سيلفا في الكتاب أنه قبل قليل من المونديال ، اقتاد رجال مسلحون اللاعبين إلى اجتماع مع زعماء عصابة كالي ، التي كانت في ذلك الحين واحدة من أكبر عصابات الإتجار في المخدرات في العالم.
وروى أحد اللاعبين لسيلفا :"لا يمكن لأحد أن يتخيل حجم الجائزة التي وعدونا بها في حالة التتويج في النهاية. كان رقم مرعبا ، مرعبا جدا جدا جدا".
في المونديال ، خسرت كولومبيا 1/3 أمام رومانيا في مباراتها الأولى ، ثم 1/2 في الثانية أمام الولايات المتحدة ، في مباراة خلدت بسبب الهدف الذي سجله أندريس إسكوبار بالخطأ في مرمى بلاده. وانتهت ثالث وآخر المباريات بالفوز 2/ صفر على سويسرا ، لكن الخروج كان قد بات أمرا واقعا.
ولدى العودة إلى الولايات المتحدة ، ووسط إحباط البلاد ، بلغت المأساة مستوى غير معقول ، عندما قام رجل ثمل بقتل إسكوبار في مدينة ميديين ، بعد أن عاتبه على الهدف الذي سجله في مرماه.
رغم أن القصة بدأت بتأهل تم الاحتفال به بشكل خارج عن السيطرة ، وبعد ذلك في المونديال تحول كل شيء إلى مأساة ، لا أحد يشك بأن تلك الأهداف الخمسة صنعت مرحلة فارقة في تاريخ كرة القدم الكولومبية. رويترز