عودة الدراسة .. أفراح السنابل
ممدوح ابودلهوم
04-09-2013 09:03 PM
تمر الأيام تباعاً سراعاً ، بأفراحها وأتراحها ، بسقطاتها ونجاحاتها ، ونحن في سباق معها كما الجياد نكبو حيناً و نصحو حيناً ، وهكذا .. بذات الضجيج الجميل إذ هي الحياة بما فيها من حلو خاطف مثل طيف ومُر مرحلي لن يكون نهاية العالم ، يقف المرء منها موقف المحامي تارة والقاضي أخرى والمتهم ثالثة وهكذا ، قطار سريع لعله – لكن بمحطات توقف – يلتقط واحداً ليقذف بآخر في الآتون البشري بحراكه النحلي المقدس حيث الإحتراب الرائع مع تصاريف الأيام ..
نعم مرت الأيام وما زالت في تعاقبها ، لكني ، حتى اللحظة ، شأن أمثالي لم أعرف فرحاً كفرح النجاح ، فرحة الانتقال من صف لصف ومن مرحلة لأخرى ومن مدرسة إلى ثانية ، على أن أكبر سعادات النجاح ، بإطلاق، سعادة النجاح الأخيرة ، تلك التي لما تزل ترجمتها ترن في مسمعي حتى اليوم ، زغرودة أمي زينها بريق الفخر في عيني أبي ..
أعود اليوم إلى تلك الذكريات بلذة مميزة وبإحساسٍ ماتع لذيذٍ رائع ، وأنا أرى إلى هذه السنابل الغالية وغرسنا المبارك : أطفالنا / أكبادنا/ خيطنا الرابط مع الحياة ، وهم في طريقهم جيئةً وذهاباَ إلى مدارسهم ،لوحات جميلة رسمت هنا و هناك ، وهم رسائلنا ، أملنا ، حياتنا التي نتمنى ، فكم من أب قال أنه يهيئ لطفله ما لم يهيئ له ، وأنه يُجنب طفله كل ما رآه من ضنك وشظف وحرمان ، وبكلمة .. أطفالنا هم نحن في مصيرٍ أردناه !
بالأمس سعدنا بهم وبإجازتهم معنا ، واليوم ما أسعدنا أيضاً بصحوهم المبكر ، بحركاتهم العفوية وفوضاهم الجميلة ، ينطلقون من أعشاشهم الدفيئة إلى مدارسهم كما العصافير ، تراهم في الطرقات .. فرادى وزرافات مثل جلول الياسمين ، يتأبطون حقائبهم الجديدة أو القديمة الفارغة ، فبعد لم يتسلموا كتبهم الحلوة ودفاترهم الملونة ، يتراكضون ويتقافزون فتنزل أصواتهم على صدورنا برداً وسلاماً وهياماً ، فما أجمل من ضجيجهم البيتي إبان عطلة الصيف ، إلا مسيرهم المبارك هذا نحو مدارسهم ، فلهم وللجميع نقول : كل عام وأنتم بخير ، وللمعلم وللمعلمة نقول : بوركتم ولتكن سقايتكم ورعايتكم لسنابلنا هذا العام أكثف وأعمق وأجمل من العام السابق ، وللسائق نقول : تمهل .. إن أطفالك / أكبادك يدرجون في طريقهم إلى مدارسهم ، وللوالدين نقول : أولاً علموهم لسبع وصاحبوهم لعشر ، وثانياً غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون ، فليكن الغدق والحب والحنان أقوى وأقوم ، وثالثاً التربية تبدأ من البيت .
وبعد.. فلنفرح جميعاً مع أطفالنا في فرحهم اليوم ، ولنرش عليهم من عطر أبوتنا وأمومتنا الدفيء الحنون ، ونمطرهم بشآبيب العطف والرحمة ، ولنغدق عليهم من عطائنا الحميمي حباً وحناناً وأماناً ، ولننثر الياسمين تحت أقدامهم وهم في طريقهم لحصاد العلم والمعرفة ، بل .. التربية ثم التعليم ، ولنفتح معهم صدورنا لعشق الصبح الأردني الماجد الكريم ، ولفرح هذا اليوم .. فرح السنابل .. نحني الهامة ونُزجي التحية وعظيم التقدير لكل معلم ومعلمة في وطننا الحبيب ، إذ يفوزون فوزهم العظيم في تقديم جيل عفي ملتزم ، سيحمل يوماً عنا الراية فنقول لهم .. احتراماً وتبجيلاً .. كما فعل شاعرنا العربي حين قال : قم للمعلم و أفّه التبجيلا / كاد المعلم أن يكون رسولا ، رعى الله الجميع لما فيه خير البلاد والعباد وكل عام و والوطن الملك و الملك الوطن بألف خير ..
Abudalhoum_m@yahoo.com