تعويض ضحايا إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية
د غازي أبو عرابي
03-09-2013 08:38 PM
من العادات السيئة والموروثات البالية التي تنتشر في مجتمعنا عادة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية والتي أصبحت على مدار السنة وتشمل الأعراس ونتائج التوجيهي والتخرج من الجامعات والنجاح في الانتخابات البرلمانية والبلدية واتحادات الطلبة وغير ذلك.
لا شك ان التعبير عن الفرح لا يتم بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي وإنما بأساليب حضارية بدلا من هذه الممارسات غير الواعية وغير المسؤولة.
آن الأوان لنضع حدا للاستهتار بحياة الناس ونبذ عادة إطلاق العيارات النارية لأنها قد تحول الأفراح في أي لحظة إلى أتراح وحزن دائم خاصة إذا أدت إلى قتل او جرح لأشخاص أبرياء لا ذنب لهم.ومع انتشار هذه الظاهرة وبشكل واسع بسبب ما أصاب عقول بعض الشباب الطائش من خلل وفهم خاطئ من انه لا فرح بدون إطلاق الرصاص وبكثافة.
فقد بات من الضروري ان تتكاتف الجهود كافة لتطويق هذه الظاهرة الخطرة والقضاء عليها من خلال تعاون الأجهزة المختصة في الدولة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والجامعات لتوعية الشباب بخطورة هذه الممارسات السيئة والتي تتنافى مع قيم المجتمع المدني وتطوره. ولا بد من تفعيل القوانين الرادعة وتطبيقها على الجميع بدون استثناء.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى إن عدد الإصابات من العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية في تزايد في السنوات الأخيرة،إذ تقدر بالعشرات في كل مناسبة من هذه المناسبات،منهم من تؤدي الإصابة إلى وفاته فوراً،ومنهم من يصاب بعجز كلي دائم او مؤقت وهنا من حقنا ان نطرح السؤال التالي: من الجهة الملزمة قانونا بتعويض من يتضرر من إطلاق العيارات النارية والتي غالبا ما تقيد ضد مجهول؟ كم أسرة سعيدة تحولت بفعل هذه العيارات الطائشة إلى أسرة حزينة بسبب موت المعيل لها الذي ينفق عليها؟ كم أب أو أم لدينا يتعذب يوميا عندما يشاهد ابنه مصاب بعجز كلي او جزئي بسبب طلقة طائشة؟
وبتحليل نتائج ظاهرة إطلاق العيارت النارية هناك ضحايا على ارض الواقع وغالبا ما نكون إمام عدة احتمالات إما أن يكون الجاني مطلق العيارات النارية غير معلوم وتقيد ضد مجهول. وإما أن تحدد الجهة التي خرجت منها العيارات النارية كما في الأعراس ولكن لا يعرف الشخص الذي قام بذلك فهناك مجموعة معلومة والفاعل مجهول. وأخيرا قد يتم تحديد الشخص الذي أطلق العيارات النارية لكنه يكون معسرا لا يقدر على قوت يومه.
لو رجعنا لموقف الشريعة الإسلامية من الحوادث المجهولة نجد انها سبقت الأنظمة القانونية الحديثة وقررت انه "لا يبطل دم امرئ مسلم" فهذه القاعدة تفيد انه لا يستباح ولا يهدر دم إنسان إلا بحق شرعي ثابت،لان هدر الدماء بغير حق شرعي عدوان سافر على الأمة بأكملها.
وتطبيقا لذلك فانه إذا وجد شخص مقتولا في صحراء او في مكان عام وتعذر معرفة قاتله فان الضمان يقع على بيت مال المسلمين لكي لا يبطل دم في الإسلام، وهذا ما فعله الرسول صلي الله عليه وسلم عندما وجد عبدا لله بن سهل قتل يوم خيبر ولم يعرف فاتله فدفع الدية إلى أهله من بيت مال المسلمين .
في الأنظمة القانونية الحديثة نجد في فرنسا مثلا الدولة أنشئت ومنذ زمن بعيد صندوق لضمان الحوادث المجهولة،وهذا يشمل حوادث السيارات وحوادث الصيد في الحالات التي يتعذر معرفة الجاني، وحديثا حصل تعديل ليشمل ضحايا مرض الايدز بسبب عمليات نقل الدم الملوث،ففي هذه الحالات يتم تعويض المتضرر أو ورثته تعويضا كاملا عن الأضرار التي إصابته ولم يعرف الجاني من صندوق الضمان المخصص للحوادث المجهولة.
على غرار ذلك فإننا ندعو الحكومة بإنشاء صندوق لتعويض ضحايا العيارات النارية التي يتعذر معرفة الفاعل المسؤول عن ذلك وجميع الحوادث المجهولة،وان يتم إنشاء هذا الصندوق بقانون يحدد كيفية تمويله من رسوم ترخيص السلاح ومن الغرامات الرادعة الواجب فرضها على من يستعمل السلاح بدون ترخيص وبمساهمة شركات التأمين.
إن وجود مثل هذا الصندوق يؤمن لضحايا الحوادث المجهولة تعويضا عادلا وهذه مسؤولية الجميع في التخفيف من أعباء ومعاناة ضحايا هذه الحوادث.