تدخل الحكومة في حل أزمة سوق عمان المالي
زياد الدباس
03-09-2013 01:10 PM
خسائر القيمة السوقية لاسهم الشركات المدرجة في سوق عمان المالي تجاوزت حاجز (25) مليار دينار منذ بداية التأثيرات السلبية للازمة المالية العامة منها ملياران خسائرها خلال هذا العام ويوم الأربعاء الماضي تحديداً بلغت خسائرها (400) مليون دينار نتيجة تخوف المستثمرين من احتمالات توجيه ضربة لسوريا وما زال سوق عمان المالي وللسنة الخامسة على التوالي يعاني من الخسائر في مستوى الثقة انعكست سلباً على جميع مؤشرات أدائه وفي مقدمتها التراجع المستمر في مؤشرات الأسعار والتراجع الكبير في قيمة التداولات اليومية بالرغم من موجه التفاؤل التي سيطرت على السوق خلال الربع الأول من هذا العام والتي ساهم بها النمو الكبير في ربحية الشركات المساهمة المدرجة عن عام 2012 والتي تم الإفصاح عنها خلال شهري شباط وآذار بحيث بلغت نسبة النمو 24 % وتجاوزت قيمتها حاجز المليار دينار.
في ظل التفاؤل الذي ساد خلال تلك الفترة بتحسن المؤشرات الاقتصادية والمالية وتحسن الأوضاع السياسية والأمنية بحيث ارتفع مؤشر السوق خلال الربع الأول من هذا العام بنسبة 7% ليحتل المرتبة الرابعة على مستوى المنطقة في نسبة الارتفاع وصاحب ارتفاع مؤشر السوق تحسن كبير في قيمة التداولات عكس ارتفاع مستوى الثقة واتساع قاعدة المستثمرين والمضاربين إلا أن النتائج السلبية للشركات عن فترة الربع الأول من هذا العام والتي تم الإفصاح عنها خلال شهر نيسان الماضي والتي جاءت مخيبة للآمال بعد تراجع ربحية شركات قيادية بنسب عالية بحيث بلغت نسبة التراجع 17% أدى إلى تراجع مستوى الثقة وتراجع الأسعار وتراجع قيمة التداولات بحيث خسر مؤشر السوق خلال شهر نيسان بنسبة 9ر4% واستمر تراجع مؤشرات السوق خلال شهر أيار وحزيران وتموز وآب وحيث لم تساهم نتائج الشركات عن فترة النصف الأول من هذا العام والتي جاءت أيضاً أقل من التوقعات في إعادة الثقة إضافة التأثير السلبي لبعض المؤشرات الاقتصادية والمالية والتأثيرات السلبية للأوضاع في سوريا بحيث لاحظنا خلال هذه الفترة تحول أصحاب المدخرات إلى الودائع والتي تنمو تدريجياً للابتعاد عن المخاطر في ظل استمرار تصنيف البنوك للاستثمار في قطاع الأسهم من ضمن القطاعات الخطرة.
والخسائر الجسيمة التي تعرض لها المستثمرون وللسنة الخامسة على التوالي والتي أدت إلى ضياع نسبة هامة من ثرواتهم ومدخراتهم كانت لها تأثيرات سلبية مختلفة وفي مقدمتها انحسار الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني وهي الطبقة التي تتميز بقوتها الاقتصادية والاستهلاكية وقوتها المنتجة والعاملة وأدت إلى زيادة نسبة الفقر وتراجع مستوى الادخار والاستثمار وانعكاس ذلك على النمو الاقتصادي.
كما أنه وللسنة الخامسة على التوالي يفقد السوق دوره الاقتصاد والمالي والاستثماري وحيث كان وعلى سبيل المثال يتم الاعتماد على السوق في سد جزء هام من الاحتياجات التمويلية للقطاعات الاقتصادية المختلفة في ظل صعوبة توفر رأس المال الكافي بالشروط والتكاليف المناسبة للاستثمار طويل الأجل وحيث تفضل البنوك التمويل قصير ومتوسط الأجل باعتبار ان مواردها المالية وفي مقدمتها الودائع عادة ما تكون فترة استحقاقاتها ما بين قصيرة إلى متوسطة الأجل بحيث تجاوزت قيمة الأموال التي تم تجميعها من المستثمرين والمساهمين خلال الفترة من عام 2005 إلى عام 2008 سواء لتغطية زيادة رؤوس أموال شركات قائمة أو الاكتتاب باسهم شركات حديثة التأسيس حاجز الخمسة مليارات دينار تشكل نسبة هامة من إجمالي قيمة القروض التي قدمتها البنوك للقطاعات الاقتصادية المختلفة في تلك الفترة.
وللسنة الخامسة على التوالي أيضاً نلاحظ تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي الفردي والمؤسسي سواء الخليجي أو العربي أو غيرهم من الجنسيات وحيث لعب هذا الاستثمار دور هام قبل الأزمة في تعزيز أداء مؤشرات السوق وتعزيز احتياطات الأردن من العملات الصعبة والمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي باعتبار أن هذا الاستثمار يمتلك حوالي نصف القيمة السوقية لاسهم الشركات المدرجة في السوق والتي تعتبر الأعلى على مستوى المنطقة وثقة المستثمرين الأجانب عادة ما يعززها ثقة الاستثمار المحلي في السوق.
والملاحظ أن القيمة السوقية لاسهم الشركات المدرجة والتي انخفض قيمتها إلى حوالي 17.2 مليار دينار خلال هذه الفترة أصبحت تشكل نسبة محدوده من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن تجاوزت هذه القيمة على سبيل المثال ثلاثة أضعاف الناتج الإجمالي عام 2005 وارتفاع هذه النسبة، كان يعبر عن قدرة السوق على تحريك رأس المال لتزويد المستثمرين بفرص كافية للتمويل والتنويع في محافظهم للتحوط ضد المخاطر وذلك على مستوى مجمل الاقتصاد كما تعبر عن الدور الكبير الذي يلعبه القطاع الخاص في أداء الاقتصاد الوطني.
وحيث ان الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني يشكل ما نسبته 50% من المؤشر المركب لقياس المخاطر المتعلقة بالاستثمار في السوق فإن الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة بصورة عامه وفي سوريا بصورة خاصة تساهم في ارتفاع المخاطر في الاستثمار في السوق خاصة بالنسبة للاستثمار الأجنبي والمؤسسي وتكملة للمقال السابق فإن أزمة الثقة التي يعاني منها السوق تتطلب من الحكومة ممثلة بالجهات الرقابية المختلفة وفي مقدمتها هيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات والبنك المركزي وبالتنسيق مع الجهات التي لها ارتباط مباشر بالسوق المالي وفي مقدمتها البنوك وضع الآليات المناسبة لتعزيز هذه الثقة سواء على المدى القصير أو المدى المتوسط وللحديث بقية.
مستشار في بنك ابو ظبي الوطني
"الرأي"