البروتوكول بين بوش والبشوت
فايز الفايز
17-01-2008 02:00 AM
.. والبشوت جمع بشت ، والبشت لمن لايعرف وهم قلة ، هو الأسم العامي للعباءة ، والعباءة في الثقافة السينمائية الغربية هي لباس للمثل " الكومبرس " في أي فلم يتخلله مشهد ناد للقمار وماخور لبائعات الهوى ، وشخص أبله متخلف سقط للتو من طائرة الجوع والشهوة والبلاهة المليئة بالدولارات في أحضان صاحبات السيقان الطويلة والقدود المياسة والأجساد الممشوقة والعيون الملونة ، ويحبو على أربع ليساعد إحداهن على خلع حذاءها ، وبعد أن انتهيت من الوصف الظالم وغير الصحيح للعباءة ، دعونا نتذكر بعض البروتوكولات السياسية ، والتي تعتبر العرف العام في أي لقاء أو زيارة يقوم بها السياسيون بشكل رسمي للدول الأخرى .في فرنسا مثلا ، يقف الرئيس الفرنسي على باب قصر الأليزيه وينتظر رئيس الدولة الضيف حتى يترجل من سيارته ثم يصعد خمس درجات تفصله عن الباب الرئيس ليستقبله رئيس فرنسا ، ولم يكسر أي رئيس فرنسي هذا البروتوكول إلا الرئيس السابق جاك شيراك عندما نزل حتى وصل السيارة التي تقل ضيفه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إرئيل شارون .
في المقابل فإن البروتوكول في الدولة العبرية يلزم أي زائر سياسي إليها بزيارة نصب" ياد فاشيم " وهو نصب تذكاري لما يسمى بضحايا المحرقة " االهولوكوست " في الشطر المحتل من مدينة القدس العربية ، وهنا لنتذكر إن سيد السلام والاستقرار العالميين جورج بوش قد وقف على النصب مؤخرا ، مطأطىء الرأس باكيا حيث وصف الموقف حسب مصادر صحفية بأنه «تجربة مؤثرة وتذكير قوي بأن الشر موجود ودعوة إلى مقاومة الشر عندما نجده» ، كما قال مدير النصب "افنر شاليف" ،حسب ذات المصادر أن بوش قال لوزيرة خارجيته إنه كان على الولايات المتحدة أن تقصف معسكر «أوشفيتز» ، وهذا المعسكر أقامته القيادة الألمانية خصيصا لإعدامات "اليهود والغجر والبولنديين والروس. وأقيم في بلدة أوشفيتشيم، القريبة من مدينة كراكوف البولندية خلال الحرب العالمية الثانية .
في بلجيكا أيضا وقبل عدة سنوات رفض مجلس النواب والحكومة البلجيكية طلب زعيم تمديد إقامة أحد الزعماء العرب ليومين إضافيين على نفقة الدولة ، وكان جوابهم إن الزيارة الرسمية هي ثلاثة أيام وإن كان يرغب بالإضافة فلتكن على حساب الزعيم الخاص ، وشعر الزعيم البلجيكي بالحرج ، لأن ضيفه سبق وأن أغدق عليه أثناء زيارته السابقة لبلد الضيف .
أما الحال في الشقيقة العظمى الولايات المتحدة فإن أي زعيم سياسي يصل هناك ، لا يستقبله الرئيس حتى وإن جاء بدولته كلها ومافيها وما عليها طائعين مبتهلين للسيد الرئيس ، وعادة ما تجري المقابلة في المكتب البيضاوي في اليوم الثاني للزيارة ، وتكون المراسم عادية ، والإحتفاء رسمي باهت ، مليء بالجمل الديبلوماسية السياسية الصرفة .
ما أريد أن أصل له هنا ، هو الإنتصار للعادات العربية الأصيلة ، والشمائل الفريدة التي نمتلكها نحن العرب في التعامل حتى مع ألد الأصدقاء ، و الكرم العربي والتسامح يتجلى في أبهى صوره ، عندما يكون الضيف من سلالات " الكاوبويز " .
لقد أثلجت مشاهد الإحتفائيات بزيارة ( أبو باربرا ) جورج بوش للمنطقة قلوبنا ، بعد بيّض المعازيب وجوهنا ، فقد وطأت أقدامه سجادة عجمية حمراء مطرزة بخيوط الذهب على أرض أحد المطارات ، وهز بالسيف اليماني المصنوع من الذهب الخالص في إحدى رقصات " العرضة " ورقصت العرب في حضرته هجيني وشروقي واستذكر تاريخ الف ليلة ونصف الليلة ، حيث مرّ عبر مدينة أشباح خالية من البشر خسر من فيها 176 مليون دولار حسب سي ان ان ، ومن واحات النفط وغابات الأسمنت والمرمر وبخ الحكومات ة وانتصر للشعوب ، وذكر بحق شعبه ودولته بنفط ذي سعر متدن ، كيف لا وهو الذي حرر البلاد وأعتق العباد .
ولكنني شخصيا أسجل عتبي على " أخو بوشه " لأنه نسي ان يلتفت الى قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما صعد في مروحيته مغادرا مقر الرئاسة الفلسطينية ، حيث مهبط المروحية لا يبعد عن القبر سوى أمتار قليلة ، حتى قال الخبثاء إنه أشاح بوجهه نحو الجهة المعاكسة للقبر ، وكأن الختيار قد ارتكب ذنبا عظيما في حق آل بوش .
وفي المقابل كان كازنوفا الفرونكوفونية الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي قد وصل به الإعجاب الى تقليد الرجل العربي ، فقد طلق زوجته بعدما وصل الى مايريد ، ودار على حل شعره مع عشيقته ، وتعمد التجول معها شبه عاريين والتقط المصورون لهما صور في أوضاع حميمية ، وقبل تجاوزت حدود المسموح به على الشاشة العربية ، ثم كسر رجل البروتوكول و" لخبط " جدول مواعيد الزيارة لأنه أعجب بالمزارع والأجواء الإحتفالية التي أقيمت على " شرفه " ، والأهم إنه لم يغادر مضارب العربان ، إلا وقد حصل ما جاء له ، بدون جاهات ولا الإمتناع عن شرب فنجان القهوة ، وسط الكرم العربي الغادق.
.. ما كتبت أعلاه ، خواطر لكاتب غير شاطر ، فقط يرصد منظومة تطييب الخواطر ، عند أهلي ، على الرغم من آلاف الجوعى والجهلة والمرضى في بلاد الحاج أبو صابر ، وقبل ان أنسى حيوا معي ضيوفنا ، على اعتبار ان الضيف هو الغائب الحاضر :
( يالله بالضيف.. خليها بعودة .. مهنّى والكم عندنا مثنّى ، لا تنسونا من الدعاء )
royal430@hotmail.com