"بلغت نسبة من يعتقدون بأنهم لا يستطيعون المشاركة في النشاطات السياسية السلمية المعارضة مثل: التظاهرات، والاعتصامات، والمنشورات والمقالات، والمهرجانات والمحاضرات والندوات السياسية المعارضة دون تعرضهم وأفراد عائلاتهم لأية عواقب أمنية أو معيشية 82% في استطلاع 2007 مقارنة بـ 78.5% في استطلاع 2006، وبـ 77% في استطلاع 2005، وبـ 70.9% عام 1999".
استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية
15 كانون الثاني (يناير) الحالي
أي أن الحريات العامة في تراجعٍ حاد، وليس طفيفاً، من خلال المقارنة بين نتائج أربعة استطلاعات أجراها المركز الذي لم تتعامل حكومةٌ واحدة مع عمله بجدية، وظلت الاستطلاعات تتالى، وكأنها صادرة عن حزب معارض، يناقشها الكتّاب في أعمدتهم، ويستخدمها لفترة قليلة الصحافيون خلفياتٍ في تحقيقاتهم، قبل أن تستقرّ في الأرشيف!
المركز يتبع جامعة رسمية، ويُنفق الكثير من الجهد والمال على دراساته، ومن واجب الحكومات أن تقرأ استطلاعاته الصارمة علمياً، وتتعاطى مع نتائجها باحترام للجهد البحثيّ المبذول فيها، وللرأي العام، وللعينة المشاركة، لا أن تتجاهل كلّ ذلك، وتتغاضى عن مواجهة المعضلات التي تكشفها ميول الناس وأمزجتهم وآراؤهم!
82% من المشاركين في استطلاع هذا العام يخافون من "العواقب الأمنية والمعيشية" فيحجمون عن المشاركة في النشاطات السياسية التي هي حقوق دستورية، وإنسانية بديهية لا حقّ لأي حكومة بتهديدها، وقبل تسع سنوات كانت النسبة 70.9%، ومعناه أن الحكومات فشلت على نحو ذريع في إقناع الناس بأن هناك ضمانات أساسية للحريات العامة، مثلما أخفقت في إقناعهم بأن الدستور يكفل حقوق الأردنيين، حينما لم تترك تشريعا يُهدد هذا الحق إلا ودفعت به لبرلمانات "الصوت الواحد"، وحينما لجأت إلى كل تدبير يعزز ثقافة الخوف، ويشيع اليأس من التغيير!
لم تأت حكومة أردنية واحدة، وتسأل النخب السياسية والاجتماعية عن الخوف الراسخ من التعبير، وتناقشها في الحلول، وتطلب نصحها وتوصياتها، بل إن كل حكومة تتنافس مع سابقتها في تهميش القوى المدنية، وسدّ الطرق أمامها، ولنتذكر جميعا أين ذهبت توصيات "الأجندة الوطنية" مثلاً وما قبلها من اللجان، ولننظر كيف أقصت الحكومات جميعا الرأي المختلف، وأصدرت قوانين لتحجيمه ولجم اندفاعه نحو الفاعلية والتأثير!
ستزداد نسبة الأردنيين الذين يحجمون عن التعبير درءا للعواقب عليهم وعلى عائلاتهم ما دامت الحكومات تسجن أردنياً واحداً لمجرد أنه عبّر عن رأيه، وما دامت هناك قوانين تسمح للحكومات بذلك في القرن الحادي والعشرين!!
baselraf@gmail.com