المحافظون والديجتال ومعركة الفوزفايز الاجراشي
16-01-2008 02:00 AM
لم تقف معركة المناكفة بين اعضاء المجلس التشريعي من التقليديين «المحافظين» وهو ذلك التيار الذي يضم اقطابا مثل عبدالرؤوف الروابدة وعبدالكريم الدغمي وممدوح العبادي والنواب الاسلاميين وبين وزراء «العصرنة الديجتاليون» الذين يمثلون نصف اعضاء حكومة المهندس نادر الذهبي تحت القبة ولكن خرجت حالة الصراع المحمومة التي تحركها المصالح من جهة وفرد العضلات والاستقواء من جهة اخرى حتى صالونات السياسة.. وربما بعدتها من الكلمات النارية التي وصلت حد «التنابز» الى احاديث النميمة وفتح الملفات المغلقة او المحذورة وربما اعادة احياء بعض الملفات الاخرى التي تثير تساؤلا كبيرا وهو لماذا الان؟! فربما حرك وصف الرئيس الاسبق عبدالرؤوف الروابدة في كلمته، امام مجلس النواب المياه الراكدة في مستنقع الديجيتال عندما وصفهم بانهم فككوا مؤسسات الدولة كلعبة «الليغو» وتحويل مؤسسات الدولة الى شركات، ما يدعو الى الى تأزم الحالة السياسية داخل مجلس الامة مخالفين بذلك حالة الوئام والتعاون التي طلب فيها جلالة الملك مزيدا من التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ما اتفق مع توجه الاسلاميين في المجلس الذين اثارت فيهم الهزيمة في الانتخابات النيابية الماضية الحنق على الحكومة باعتبارها المحرك الرئيس في اقصاء قيادات الحركة الاسلامية عن مجلس النواب وهذا ما غمز من قناته امين عام الجبهة زكي بني ارشيد قبل اسابيع وايده حمزة منصور في كلمته ان هناك حكومة ظل قاصدا بذلك شخصية راديكالية تعد الابرز في اطار التصحيح الاقتصادي وعراب حركة الديجيتاليين الجدد الدكتور باسم عوض الله. ولعل حالة الاتفاق غير المبرمة محاولة يائسة خسر فيها المحافظون اخر اسهمهم مع الحكومة من جهة ومع البرنامج الممنهج للحركة الاسلامية من جهة اخرى كرد فعل او فرصة قد تكون فائقة لمحاولة كسب الشعبية او تحقيق المكاسب او المحافظة على بعضها بسبب الاجراءات الحكومية المقبلة التي لا يسمح المزاج الشعبي في التعاطي معها مثل رفع اسعار المواد الغذائية المتوقع جراء تحرير اسعار المشتقات النفطية وخسارة الاسلاميين جزءا من رصيدهم الشعبي جراء الخلافات الداخلية من جهة وفقدان الثقة بالشعارات والخطابات من جهة اخرى ما فتح المجال واسعا للنواب الجدد بفتح قنوات مع الحكومة التي يقودها الذهبي وحكومة الظل المزعومة والتي يقودها عوض الله وفي كلتا الحالتين فقد خسر التقليديين اخر اسلحتهم بعد اقرار الموازنة العامة للدولة ولا تعدو مناكفتهم للحكومة سوى اضغاث احلام الا من تعطيل بعض القوانين وخاصة الاستثمارية وظهر هذا جليا في قانون المناطق الاقتصادية والتنموية الذي اصبح سجالا لزعماء المحافظين في المجلس.. الا انه في النهاية سيعرض للتصويت ما قد يفوت الفرصة عليهم مستقبلا بالقوانين الموازية ويحذر الحكومة للاستعداد مستقبلا لمثل هذه المناكفات التي خرجت عن المألوف والتي لا تشكل في غالبيتها العامة سوى طلقة خرجت من غير هدى لم يسمع سوى صوتها..!! ولكن، هل سيأخذ الصراع شكلا اخر مستقبلا خلافا للشكل التقليدي وهل اعد الديجيتال العدة جيدا للخروج من ازمة المجلس؟ المراقب للمشهد السياسي يدرك ان الذهبي اختار في فريقه اشخاصا اقوياء الا انهم تنقصهم الخبرة السياسية والمماحكة مع سياسيين كالروابدة والدغمي واعضاء قدامى في المجلس ما يستوجب تشكيل ائتلاف حكومي وهذا اذا ما اخذ بعين الاعتبار ان ثلثي المجلس من النواب الجدد لا يملكون خبرة في العمل السياسي وربما ان الصدفة التي فرضت ان يكونوا من اقطاب المال ساعدت على ان تكون المرحلة المقبلة تشريعيا سهلة المنال مثلما حصل في التصويت على الثقة حيث لم تحز حكومة منذ نشوء الدولة على 97 صوتا للثقة في حكومة اول برامجها كفيل بان يحطم شعبية النواب للابد وهو قرار تحرير اسعار المشتقات النفطية! او الغاء الدعم عن الاعلاف!! ويبدو ان ازمة المحافظين والديجيتال القديمة الجديدة بدأت تاخذ اشكالا اخرى فالروابدة مثلا هو من فتح ملف التحول الاقتصادي والاجتماعي وشكل ضغطا على الحكومة انذاك بان تضحي بالوزير باسم عوض الله بعد ان برأه المجلس في حالة سجال لم يشهد له المجلس النيابي مثيلا على مدار الحياة التشريعية في الاردن فضلا عن وجود عوض الله الان في موقع القرار بصفته رئيسا للديوان الملكي ما يؤشر على ان الديجيتال لا زالوا ابناء المرحلة المقبلة في ظل انكفاء المحافظين في حكومة معروف البخيت بدليل عودتهم وباعداد اكثر من السابق والتأكيد على حركات التصحيح الاقتصادي التي واجهت ازمات في السابق لتستمر في برنامجها الذي اخفق مرة ولكنه بات السبيل الامثل للمرحلة المقبلة.. والذي اكد صراحة ان الحكومات السابقة اجلت هذا الملف «التصحيح» لا لتخرج البلد من مأزق وانما لكي لا تخسر شعبيتها امام الناس وهو ما ترك موروثا اقتصاديا صعبا بعجز امامه موازنة المملكة لعدة اعوام مقبلة.. وهنا ادرك الديجيتال ان موطن الضعف في تيارهم قانون التخطيط الذي يناهز الاربعين عاما واخفاق الوزارة في دورها بعد ان كانت البقرة الحلوب وسعوا لتفكيكها حيث خرجت منها برامج تعزيز الانتاجية الى وزارة التنمية وهيئة التكافل الاجتماعي وخرج كذلك ملف الالفية الذي راهنت الوزيرة سهير العلي على نجاحه في ظل قيود المحافظين الذين وادوه في ادراج الرئاسة وسلموه لوزيرة التنمية السابقة تمام الغول اضافة الى افراغ الوزارة من مضمونها تمهيدا لدمجها في وزارة المالية وهذا ما كان يسعى الوزير عوض الله لعمله ربما كان في مرحلة مقبلة! كما ادرك الديجيتال ان لغة الارقام اهم من لغة العواطف وترجموا هذه الحالة الى واقع اصطدم به المواطن الذي كان يتوجس يوما يعلن فيه بالصحف ان تبلغ اسطوانة الغاز ثمانية دنانير فيما سارع الديجيتاليون في الحكومة الى حسم قرارهم ربما من خلال تهيئة الشارع من جهة عبر تسريب اخير تحرير السعر والزيادات في الرواتب التي لا تستهدف في حقيقتها 25? من الموظفين والبحث عن بدائل للطاقة من جهة اخرى في اشارة لصاحب القرار ان الحالة مؤقتة والبديل ايجاد مساكن وقطع اراض وانشاء مناطق وهيئات تنموية وفتح علاقات مع دول الجوار وحالة التفاهم الشعبية بين المواطنين ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني الا ان هذه الاجراءات لذر الرماد في العيون لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل تأجج الصراع السياسي في المنطقة وترشيح ارتفاعات اخرى لاسعار المشتقات النفطية ما يؤشر بشكل خطير على تحول اجتماعي داخلي في الاردن لم تستطع الدراسات الاجتماعية والمسوحات الوصول الىحلول منطقية له. وهذا ما يشكل العقبة التي لن تكون سهلة امام حكومة المهندس نادر الذهبي والتي ربما تنحي بالحكومة الاقتصادية الى شكل اخر ربما يكون اكثر قسوة مع المواطن لتمرير القرارات الاقتصادية المؤلمة..!! ولعل الاستعدادات المتأخرة لحكومة الذهبي لمواجهة استحقاق ارتفاع معدل التضخم وتحرير سوق النفط سيلقي بظلاله خلال الاشهر الستة الاولى ما يتطلب اجراءات اخرى غير المعلن عنها في محاولة لتعويض الفئات المستهدفة من شرائح المواطنين عن حالات الغلاء الفاحش وربما تكون هذه الورقة الوحيدة التي سيلعب بها تحالف التقليديين واعتلائهم منابر الوعظ والشماتة احيانا وهو ما يخشاه اقتصاديو الحكومة اذ ان هذه المرحلة كانت تحتاج بعد نظر وتخطيط منذ عودة سنوات الا انها جاءت لتشكيل حالة غير مسبوقة مجتمعيا وستنعكس على شكل ظواهر جديدة في المجتمع. ويبقى صراع المحافظين والديجيتال خارج حسابات الشارع الذي بات همه لقمة العيش والدخل المتآكل في ظل غياب البرامج الحزبية وفشل حركات التصحيح وتحت وقع املاءات صندوق النقد والبنك الدوليين!! ولكن يبدو ان السبب الرئيسي الذي دفع المحافظون يصرخون بهذا الشكل ويعارضون واحيانا يغضبون كمايقول محللون ان الديجتاليون لم يتقاسموا الكعكة معهم وحتى لم يبقوا لهم الفتات كالايتام على مائدة اللئام. ومن ناحية اخرى وفي حديث خاص مع النائب المهندس سعد هايل السرور قال ان هذه التصنيفات قد لا تروق للبعض وهي غير مفهومة وتحتاج الى تعريف اكثر. واضاف ان من حق النواب الحديث والانتقاد ولا فلا ضرورة لوجودهم فهل اذا انتقدوا الحكومة في ادائها يعتبر معارض وتعطيل لمشاريع الحكومة والاستثمار. اما النائب ممدوح العبادي فانه نفى ان يكون من المحافظين وقال ان هذه التسمية تدل على الحداثة والتقدم ليس الا وهي ليست مربوطة بسن معين. وشدد العبادي في حديث ان يكون المحافظين قد عطلوا القوانين او عرقلوها لاسباب خاصة بحتة انما هي مسألة بحث ودقة ومعرفة الحقيقة ومدى مناسبة هذه القوانين للمواطنين واضاف العبادي الى ان المجلس لم يناقش الكثير من المواضيع بعد والطريق لا زال في اوله. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة