تتداخل دنيانا وتتشابك مع اﻵخرين في نسق قد يكون مكتملا ووافيا وناضجا مع البعض. وقد تسوده التشوهات والتشنجات مع البعض اﻵخر.
وهنا ياتي دورنا لنقرر كيف نستطيع اﻹستمرار في التعامل مع جميع أنماط وتكوينات البشر دون أن نخسر نبلنا ونقاءنا وصفاء رؤيتنا .
وفي تعاملنا مع اﻵخرين ربما تظهر بعض اﻹختلافات والخلافات التي قد تؤدي إلى التصادم. ولكن بإمكاننا بالطبع تجسير أي هوة بقليل من الصبر والتماس الأعذار لهم ،ولكن هيهات...
هنا يتدخل (عمو ) إبليس ويجعلك فجأة بمنتهى المنطقية . تفكر وتحلل وتستنتج وتبني نظريات واحتمالات وفرضيات ، وتمارس عمليات عقلية عليا ، يعجز أينشتاين نفسه أن يبرع بها ، ليثبت لك انك على حق .وان الباطل كل الباطل على الطرف المقابل .وكلما حاول ضميرك المسكين ان ينطق يخرسه إبليس بحجة وجيهة جدا ﻻ تقبل النقض أو الطعن . ولو حاول قلبك ان يجد طريقا للخروج من هذا الحصار فإن عمك ( ما غيره) سيوجهك لمتاهات من الحيرة ﻻ توصلك الا لطريق مسدود. فأين المفر...؟؟؟؟
الحل بسيط :- عندما ينتهي ( عمو) إبليس من مناقشة الموضوع معك وإمدادك بكافة الحجج والبراهين التي تدل على ان الطرف اﻵخر مذنب مئة بالمائة. وأنه يتعمد اﻹساءة لك. وينصحك بأخذ موقف حاسم منه ، أشكر إبليس جزيل الشكر على تعبه معك وقرر أمورك بعيدا عنه وبمعزل عن كل أفكاره الوجيهة.
في البداية ، قرر ومن كل قلبك أن تسامح اي إنسان على أي إساءة مهما كانت فادحة. واجعل قلبك يطمئن بذلك . عندها ستجد ان هذا التسامح جعل الدنيا شديدة الرحابة بعد ان كانت تضيق بها حتى انفاسك . وستشعر أن الحياة ﻻ تستقيم الا في الوئام .
وعندما تصل إلى حالة من الغضب الشديد من إنسان ما ، بسبب موقف أو كلمة، أو ﻷي سبب كان ، فقط تذكر أن إبليس كما زارك وتناقش معك في ضرورة أن تغضب لنفسك ، زاره وتباحث معه قبلك.
وتذكر قول الشاعر :
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
بالطبع لن تكون علاقتنا بكل اﻷشخاص بنفس القرب أو البعد... الحرارة أو الفتور. فهناك من يفسحوا مكانا للروح في فضاءاتهم . وهناك من تنغلق دنياهم وتضيق حتى ﻻ تجد لنفسك مكان فيها.
ولكن وحتى تكون عادلا ، عامل الجميع بما انت اهل له. ولا تغمط الناس حقوقهم سواء المحسن
منهم او المسيء. وﻻ تقترب كثيرا ممن قربه يؤذيك ، بل حافظ على مسافة أمان بينك
وبينه. واقترب ممن تسرك مودته ويحفظ ودادك ويحرص عليك.
وأما إن راودتك الظنون وأوشكت أن تحيد عن التسامح ، فترفع عن اﻷحقاد وكن كالشمس عطاء ، تمنح نورها على اتساع الكون ﻻ يردها غبن من جاحد أو إساءة من جهول.