إنها من الوزن الثقيل ... تلك الخسائر التي خلفتها موجة الصقيع خلال الأيام القليلة الماضية ، والتي بدورها دفعت المتضررين المباشرين وغير المباشرين إلى مناشدة الجهات المسؤولة لتعويضهم أو إصلاح أحوالهم ، مجموعات من المزارعين هرعت تناشد رئيس الوزراء ووزير الزراعة وأخرى هرعت تناشد وزير المياه والسلطات المختصة لإصلاح المواسير المنفجرة في الشوارع والحارات والزقاق مطالبين بالتعويض عن ضرر تقف الطبيعة عنده موقف المتهم الوحيد !! واستنادا على هذه المعطيات فأننا نكتسب الحق من باب أولى في المطالبة بتعويضينا عن خسائر يقف ورائها عدد من المتهمين ممن يعدون من بني البشر....صقيع الطبيعة قد يهاجمنا في الشتاء والربيع بسبب انخفاض درجات الحرارة إلى مادون الصفر المئوي هذا أن فعلها ! أما صقيع البشر فيهاجمنا في كل الفصول وعلى مدار السنة عندما تنخفض درجات الكرامة الإنسانية والخلق المهني إلى ما لا نهاية !
ذاك رجل قبل الأيدي والأكتاف ولا ندري أن كان قد أنحنى لتقبيل الأقدام في الغرف المغلقة للحصول على طاولة وكرسي متحرك يلف به حول نفسه لا أكثر ، وحلف أغلظ الأيمان وأقساها وهو يقول لصاحب النعمة والمنة أفعلها وخذ بيدي فإن خير من استأجرت القوي الأمين ، فما كان من صاحب النعمة والمنة إلا أن يقلده منصبا رفيعا ، وهنا فرح الرجل وراح يتنطط كأسد لم يدرب جيدا في سيرك أوكراني عتيق ، أعتقد ذاك المغوار أنه حط بركبه الخفيف على قمة جبل يرى منها الناس صغارا ،، وحسرة عليه فقد كان الناس يرونه أصغر بحجم قملة تتسكع بين شعيرات فروه الخروف ...
هذا النموذج من أشباه الرجال متوفر بكثرة في ربوع الأردن الغالي، بإمكاننا أن نحصل عليه في الوزارات والمؤسسات والدوائر العامة والخاصة ويبدو أن تلك الوفرة هي السبب في الحال المائل الذي تعاني منه مؤسساتنا وقطاعاتنا المختلفة...
فمهما كان حجم خسائر الأردن عظيما جراء صقيع الطبيعة، فإن الخسائر التي يخلفها صقيع البشر أكبر وأعظم بفضل تراكمها عبر الأجيال وإستمراريتها عبر العصور ...
هذه الأيام تذكرني بنفسي عندما كنت في الخامس الابتدائي حيث قالت لنا معلمة الجغرافيا ( التي اكتشفت الآن أنها من صقيع البشر ) أن مدينة بروكسل هي عاصمة اليونان ، فقفزت عن درجي بحيوية ونشاط لأقول لها أن هذه المعلومة خطأ ! الصحيح أن بروكسل هي عاصمة بلجيكا واثينا هي عاصمة اليونان ، فراحت تبحث في الكتاب الذي بين يديها لتكتشف أنني محقة وأنها فعلا أخطأت ! فقبلت ذلك التصحيح بامتعاض وراحت توبخني بلا أسباب يوما بعد يوم ويبدو أنني كنت قادرة على استيعاب موقفها فلم ألجئ إلى مديرة المدرسة لإخبارها بالحقيقة ! بل ذهبت إليها متقدمة بطلب نقلي الى مدرسة اخرى بعيدة !... وهكذا أنا منذ الصغر أنأى بنفسي عن أيا ممن هؤلاء أخذة بقول كونفشيوس فيلسوف الصين (قد لا نكون قديسين بالقدر الذي يجعلنا نحب أعداءنا .. لكن من اجل صحتنا وسعادتنا دعونا على الأقل نسامحهم وننسهم.)
دولة الرئيس الذهبي ...
أعانك الله وأعان موازنة حكومتك الموقرة على تعويض خسارة المناشدين ممن تضرروا بصقيع الطبيعة ، أما خسائر الصقيع البشري فلا يعوضها إلا الله وحده...
Dana_najdawi@yahoo.com