في اليومين الماضيين سيطر القلق والخوف على أحاديث الناس، فكلما جلست في مكان تم توجيه السؤال التالي لي: في ضربة لسوريا؟؟..فأهزّ أكتافي وأقول لهم أنا لست «وليام هيغ»!!..ثم يتحايلون بسؤال آخر علّهم يطفئون نار قلقهم: شوفتك بيضربنا الزلمة كيماوي؟..معتبرين إن الكاتب الصحفي الأردني يفطر مع «كيري» فوق بارجة عسكرية..ويتعشّى مع «ديفيد كاميرون» على متن فرقاطة..ويخيط وجوه مخدّات مع «ميركل» داخل غوّاصة ..لا يعرفون أني أمضي جلّ وقتي منسدحاً على فرشة إسفنج أتقلب ذات اليمين وذات الشمال ..أو أجلس في بلكونتي الضيقة التي لا تتسع سوى لكرسي واحد فوق محل «معّاطة الجاج»..
سألني أحدهم أمس: كم يبلغ مدى الصاروخ الكيماوي؟ وهل الغاز الكيماوي يتطاير مع الهواء أو ينتشر على شكل سائل؟ ماذا لو ضربنا ما هي الإسعافات الأولية؟ ما هي أدوات الوقاية المتاحة؟ طيب لو حطيت «فحم» بفردة جرابات ولفيتها ع خشمي بيجيني اشي؟...قلت له طبعاً : رح تختنق بس مش من الكيماوي بل من «ريحة الجرابات»..ثم أعطاني احتمالاً آخر: طيب لو حطّيت ثلج بــ»بشكير» بيسدّ عن الكمامة..!! وغيرها من الأسئلة البديهية التي يطلقها أي إنسان يشعر بالخوف على نفسه وأفراد أسرته..
الناس معها حقّ أن تخاف وتقلق وترتعب، فالجو «معكوك»،والخيارات مفتوحة، والضمير ميّت، والغريق لا يخشى من البلل، وما يجري خلف الأبواب المغلقة لا يعلمه الا الله، فدمشق لا تبعد عن الحدود الأردنية أكثر من 80 كيلو..كما أن درعا والرمثا مثل فلقتي الدراق لا يفصلهما عن بعضهما شيء حتى حلاوة العِشرة والليل الهادىء..
اعتقد انه صار من الضروري جداً إرشاد الناس من خلال مديرية التوجيه المعنوي والدفاع المدني كيف يتصرفون في حال تم استخدام الغاز الكيماوي في المنطقة، ما هي طرق الوقاية والعلاج والإسعافات الأولية،و كيف نعرف انه تم استخدام سلاح كيماوي!! وهل لدينا صفارات إنذار «شغّالة» حقاً ام لا.. كما على إعلامنا أن يخفف قليلاً من دعايات «موانع الحمل» التي ذبحنا فيها منذ سنوات..ويركزّ قليلاً على إرشادات السلامة العامة في ظل هذه الظروف..بصراحة أيضاَ «انسطحنا» ميرمية لكثرة ما بث التلفزيون الأردني برامج عن فوائد الميرميه...وحان الوقت لكي يبث شيئاً مفيداً يجيب عن أسئلة الناس.
الرأي