ينظر كثير من المواطنين الى الانتخابات البلدية على أنها شيء ثانوي، وينظر اخرون اليها بيأس من وصول كفاءات تنهض بالاداء في البلديات وبالنتيجة فان فئة واسعة من المواطنين تعتقد أنها غير معنية بالانتخابات.
هذه السلبية المفرطة كان من نتيجتها أن عددا من البلديات لن تشهد انتخابات لعدم وجود مرشحين لمجالسها، وربما تكون هذه هي الانتخابات البلدية الاولى التي تشهد بلديات لم يترشح لها أحد !!.
منذ عشرين عاما وأكثر لم تؤد الانتخابات البلدية الى أن تشهد أي بلدية أردنية انجازات وتقدما في الخدمات والتخطيط، بل العكس هو الصحيح فقد كانت الحسابات الانتخابية والدعاية الفردية والمصالح الجهوية تنعكس على أداء المجالس البلدية، والسبب هو المواطن الناخب والقانون الناظم.
المواطن الناخب يتوجه الى صندوق الاقتراع وهو محكوم بسيطرة العلاقة العائلية والعشائرية وينسى تماما ان الانتخابات البلدية أمر يرتبط بحياته اليومية والشارع المار أمام منزله والبيئة التي يسكن فيها وموقف سيارته وحديقة أطفاله ومثوى جثمانه، ينسى كل تلك الامور الحيوية ويغمض عينيه ويتبع قريبه المرشح فاقد العلم والكفاءة، حتى لقد رأينا - وهذه حقيقة - أساتذة جامعات ومهندسين يؤزارون حملات انتخابية لمرشحين لا يحملون أية مؤهلات أو خبرات أو تجربة في العمل الاجتماعي، في حالة نفاق وتعصب أجتماعي محير.
القانون الناظم للعملية الانتخابية بدوره ينظر الى البلديات نظرة ثانوية ومن هذا المنطلق فقد فشل أعضاء مجلس نواب سابق في تشديد شروط الترشح للمجالس البلدية في العاصمة ومراكز المحافظات وحتى عضوية مجلس أمانة عمان فقد فشل مجلس النواب في أقرار توفر الشهادة الجامعية كحد أدنى للمرشح وهكذا بقيت شروط الترشيح المقررة منذ خمسينات القرن الماضي سارية والنتيجة أننا ما زلنا نشهد تراجع عدد أصحاب الكفاءات الذين يتقدمون لخوض الانتخابات البلدية،
المواطن الناخب هو الذي يقرر من يكون عضوا في المجلس البلدي وهو يقرر مستقبل الخدمات في مدينته والحي الذي يسكنه، فاذا كنا نريد مجلسا بلديا يضم نخبة من أصحاب الخبرة فعلينا أن نحرر انفسنا من العصبيات الضيقة وعلينا أن نتوجه الى صناديق الاقتراع بكثافة ووعي.
نحن الذين نضج بالشكوى من خدمات بلديتنا ونبث أصواتنا في كل حين عبر برامج البث المباشر الصباحية لم نتذكر اننا السبب الاول فيما نشكو منه لأننا سرنا خلف علاقاتنا الشخصية وعصبياتنا العائلية فلم نحسن أختيار أعضاء مجلسنا البلدي،
ونحن الذين نغيب عن المشاركة سنبدأ بعد حين بالتذمر والشكوى من تكدس النفايات وتكاثر الحفر في شارعنا وترهل الخدمات في مدينتنا.
نحن جميعا سندفع ثمن سوء أختيارنا وثمن غيابنا وسلبيتنا وقد يبدأ بعضنا بالمطالبة بالتخلص من الديمقراطية الانتخابية واللجوء الى تشكيل المجالس البلدية بالتعيين.
دعونا نستشعر أهمية الانتخابات البلدية فاذا كنا نختلف في السياسة فمن غير المنطقي أن نختلف في حرصنا على بيئة جيدة ومدن وقرى نظيفة وعدالة في توزيع الخدمات وتطويرها، وهذا يتطلب منا شيئين فقط، التوجه الى صندوق الاقتراع وأنتخاب الاكثر كفاءة ومعرفة.
الرأي