للمرة الثانية خلال عشرة أشهر ينال رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور ثقة ملكية متجددة تعني في هذه المرة أن أمامه فترة طويلة في الدوار الرابع، تحسب بالسنوات لا بالأشهر، مما يشكل تفويضاً لحكومته باتخاذ القرارات المطلوبة ولو كانت صعبة.
اعتدنا أن تقوم الحكومات باتخاذ القرارات الصعبة بدون مقدمات، والدفاع عنها عندما تتعرض للنقد، بعد وضعها موضع التنفيذ. أما الدكتور عبد الله النسور فهو يحاول تسويق القرارات سلفاً، ويبذل جهدأً إعلامياً قلما يحقق الغرض، والنتيجة إنطلاق حملة المعارضة والرفض لهذه القرارات قبل صدورها وجعل اتخاذها أكثر صعوبة.
اكتسبت الحكومة تهمة رفع الأسعار مع أن كل ما فعلته هو الخروج من عقدة تسعير المحروقات سياسياً، وربطها بمعادلة تأخذ بالاعتبار الكلفة الحقيقية. ولم تتردد الحكومة في تخفيض أسعار المحروقات مرتين عندما توفرت المبررات في السوق العالمي.
كلما تتشكل حكومة جديدة، أو يجري رئيسها تعديلاً يضم بموجبه وزراء جدد إلى حكومته، يعبـّر المعلقون فوراً عن خيبة أملهم لأن الوزراء المختارين ليسوا في نظرهم من المستوى المأمول.
المجتمع الأردني يتصور أن مجلس الوزراء يجب أن يتشكل من عباقرة متميزين، لا مثيل لهم في كفاءتهم وإخلاصهم وتخصصهم، ولذا فإن من الطبيعي أن يقابل الوزراء الجدد بالصدمة، لأنهم لا يتحلون بالقدر المنتظر من العظمة.
يذكرنا هذا بقصة البدوي الذي كان يسمع عن الباشا حتى أتيحت له فرصة مشاهدته، فعبـّر عن خيبة أمله بالقول: ظننا أن الباشا باشا ولكن الباشا زلمة.
التعديل الواسع للحكومة كان متوقعاً منذ فترة طويلة، مما أعطى الرئيس فرصة كافية للاختيار بتأن ٍ، وهو خبير بالطبقة السياسية في البلد، وقد اختار من يعتقد أنهم الأفضل مما هو متاح.
قد يكون رؤساء الوزارات السابقون من أفضل الشخصيات لإشغال المناصب الوزارية، ولكن للأسف نشأ تقليد يرفض بموجبه أي رئيس وزراء سابق أن يدخل وزيراً.
هذا التقليد الخاطئ لم يكن واردأ في الأردن، وهناك رؤساء وزارات قبلوا المنصب الوزاري ولكن ذلك توقف، وأصبحت مهمة الرؤساء السابقين مقتصرة على النشاطات الاجتماعية!.
وزراء عبد الله النسور ليسوا عباقرة، ولكنهم أصحاب خبرة ولهم إنجازات، وهم في رأي الرئيس من أفضل الموجود.
الرأي