مؤكد أن الأردن الرسمي والشعبي يتمنى هدوءاً واستقراراً لسائر دول جواره، وإن لم يكن ذلك لمصلحتها هي فبالضرورة لمصلحة هدوء واستقرار الدولة الأردنية ابتداءً، إلا أن الأمور ليست على هذا النحو، فالدول الشقيقة "العراق شرقاً، وسورية شمالاً، وفلسطين غرباً، ومصر إلى الجنوب الغربي"، جميعهم يعانون وبتفاوت من تطورات سلبية هائلة داخلياً وخارجياً، ولهذا بالتأكيد انعكاساته السيئة على الأردن بصورة مباشرة وغير مباشرة، وبعضها يشكل تهديداً كبيراً للمصالح العليا للدولة الأردنية!.
الأردن ليست بين نارين فقط، وإنما بين أربعة نيران مستعرة، ويزيد الأمر خطورة وتعقيداً، منظومة المصالح الإقليمية والدولية التي تجسد ضغوطاً هائلة على الأردن المسكون أصلاً بهمومه الداخلية وأهمها الهم الاقتصادي الذي يجسد هو الآخر عامل ضغط هائل على كاهل شعب كريم جله من الفقراء ومحدودي الدخل!.
باختصار الأردن اليوم في وضع لا يحسد عليه أبداً، فإن هو صمت ونآى بنفسه جانباً عما يدور من أحداث وتطورات، فلن يسلم من العواقب، وإن هو اختار الطريق الآخر، فلن يسلم التبعات كذلك، وكلا الأمرين صعب عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وسط جو مشحون كهذا وينذر بمخاطر جمة وتحولات لا أحد غير "الله" جل في عُلاه يمكن أن يتنبأ بمخرجاتها، تغدو الحاجة أكثر من ملحة لاطلاع الناس في بلدنا على الحقائق وشرح المشهد وبأبعاده كما هي، خاصة وإن "ماكينة" الأنباء المتلاحقة على مدار الدقائق لا الساعات والآتية جميعها من خارج الحدود، تضع العامة في حيرة التحليل والتأويل والإشاعات والدسائس وما إلى غير ذلك من توقعات الحروب والصدام وما يمكن أن ينجم عن ذلك من ويلات ومصاعب!.
نعم، الناس الذي يتابعون هجمة الفضائيات حول ما يمكن أن يحدث عند شمال الأردن في أية لحظة، يفترض أن لا يتركوا نهباً لتلك الهجمة وبعضها منصف وبعضها الآخر غير ذلك، فالأولى بالدولة الأردنية أن تكون هي مصدر المعلومات والتحليلات وشرح التطورات وما يمكن أن تؤول إليه الأمور، حتى يتحمل الجميع مسؤولية الوقوف مع البلد عند أية محنة لا قدر الله.
نتمنى ونسأل الله جلت قدرته السلامة والأمن والاستقرار لسائر أشقائنا العرب دون استثناء، لكن الأمور ليست بأيدينا، نحن الذين كنا وما زلنا ندفع أغلى الأثمان لتلك الأمور. والله من وراء القصد.