أمريكا أمام تحدي المشهد المصري
د. هايل ودعان الدعجة
25-08-2013 05:33 PM
فاجأت الاحداث التي شهدتها المنطقة في الثلاث سنوات الاخيرة الادارة الامريكية بشكل اربكها ووسم رد فعلها في التعاطي معها بالتخبط والتردد ، ما يؤشر الى ان هذه الاحداث ذات طبيعة محلية املتها ظروف وتداعيات خاصة بالمنطقة اسهمت الانظمة السياسية العربية في افرازها نتيجة سياساتها الفاشلة التي تسببت في خلق اوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة ، جعلت من حياة المواطن العربي في الكثير من دول المنطقة لا تطاق ، ما ادى الى تفجر المشهد الاقليمي بالصورة التي ظهر عليها.
وبدا ان هذه الادارة وجدت نفسها امام امر واقع املى عليها التعاطي معه كما هو على الارض في ظل عدم وجود اية احتمالات او سيناريوهات جاهزة او وضعتها في حسبانها من احتمالية ان تصل الامور في المنطقة الى هذا الحد الذي يصعب تخيل حدوثه امريكيا على الاقل . اما وقد وصلت الامور الى ما وصلت اليه فقد وجدت الادارة الامريكية نفسها مضطرة الى التعامل معها بالصورة التي ظهرت عليها ، ما دفعها الى التفكير بممارسة نوع من التكتيك لمواجهة تداعيات المشهد الذي اخذت تسيطر علية الحركات الاسلامية ، بما يشبه الاعتراف الامريكي باهمية هذه الحركات ودورها وحضورها وتأثيرها في اية احداث او سيناريوهات مستقبلية في المنطقة.
ما يفسر التغيير الذي طرأ على السياسة الاميركية في التعامل مع هذه الحركات بهدف احتوائها واستيعابها بوصفها حالة واقعة لا يجوز تجاهلها . وان الادارة الامريكية مطالبة باعادة حساباتها كي تتأقلم مع الحقائق الجديدة من خلال التعامل مع قوى شرعية وصلت الى السلطة عن طريق الديمقراطية .
وهو ما عبر عنه السناتور الامريكي جون كيري بقوله ان علاقة الولايات المتحدة مع المنطقة تتطلب تصحيحا اكبر كي تعكس الحقائق الجديدة.
ومع شن قوات الامن المصرية حملة ضد انصار الرئيس المعزول محمد مرسي ، وجدت الولايات المتحدة نفسها امام تحدي اثبات تمسكها واهتمامها بالقيم والمبادىء الديمقراطية التي اوصلت الحركة الاسلامية الى سدة الحكم ، دون تهديد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة من خلال الحفاظ على علاقاتها مع الاجهزة الامنية والعسكرية التي عادت لتمتلك زمام الامور بالانقلاب على هذه القيم التي تروج لها الولايات المتحدة وتشجع عليها.
وقد اشرت التداعيات الامريكية على الاحداث التي شهدتها مصر ، ان الادارة الامريكية وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع الاخوان المسلمين كأمر واقع ولو من باب الظهور بمظهر الحريص على ( احترام ) افرازات النهج الديمقراطي الذي طالما لوحت به وروجت له . ولكنها في حقيقة الامر تدرك ان تحقيق مصالحها القومية والاستراتيجية مرهون بالحفاظ على علاقاتها جيدة مع مؤسسة الجيش ، ما يفسر محاولتها الذهاب الى ابعد ما تستطيع ديمقراطيا ، دون المساس بهذه العلاقة بشكل قد يضر بهذه المصالح .
من هنا يمكن ان نقرأ الموقف الامريكي من المشهد المصري ، والذي لم يصل درجة وصف ما حدث بالانقلاب العسكري او ان يتبنى الدعوة لاعادة مرسي لمنصبه.
وكل ما هنالك ان الولايات المتحدة الغت المناورات العسكرية مع مصر وهي المناورات التي باتت قديمة وبالية وفقدت اهميتها وقيمتها العسكرية ، ولكنها لم تعلق مساعداتها الى مصر.
,وهي بذلك انما تحاول ان تظهر وكأنها توازن بين دعمها للديمقراطية وبين تحقيقها لمصالحها الا ان الواقع اثبت انها تميل الى ترجيح كفة المصالح أكثر ، حتى انها توظف الديمقراطية في سبيل تحقيق ذلك.
"الرأي"