إنعكاسات الأزمة السورية والمصرية على الاقتصاد الأردني
د. عادل محمد القطاونة
25-08-2013 03:07 AM
يعيش الأردن اليوم منعطفاً سياسياً حرجاً فرضته أحداث الدول العربية المجاورة وتحديداً كل من الشقيقة مصر والشقيقة سوريا والتي أضحت أحداثها محور حديث الإعلام المحلي والإقليمي والدولي ، ومع تسارع الأحداث هناك يرى البعض أن الاقتصاد الأردني قد تكبد جراء هذه الأزمات مديونية بمئات الملايين أرهقت موازنته المرهقة أصلا ! في ما يرى البعض الآخر "القليل" على أن الأحداث الحاصلة هناك قد أسهمت في ضخ مئات الملايين من الدنانير في السوق الأردني ! كما أن النظام الاقتصادي الأردني بات أكثر تنوعاً وساهم في فتح بعض الآفاق التي لم تكن لتظهر لولا هذه الأزمات !
تلعب كل من سوريا ومصر دوراً حيوياً في معادلة الاقتصاد الأردني فالملفات المشتركة في جوانب التجارة والطاقة والاستيراد والتصدير والتعليم والصحة والسكن والمياه والسياحة وما إنبثق عنها من ملفات أخرى ساهمت في صياغة معادلة الاقتصاد الأردني.
الإحصاءات أشارت إلى إنخفاض حجم التجارة ما بين الأردن من جهة وسوريا ومصر من جهة أخرى إلى ما يزيد عن ال(50%) من حجم التبادل التجاري ، ومن المتوقع أن يتزايد الإنخفاض لأكثر من (75%) في العام 2013 خاصة مع إستمرار التوتر السياسي في كلا البلدين.
ويمكن القول بأن الأحداث السياسية التي شهدتها الشقيقتين سوريا ومصر قد ألحقت ضرراً قاسياً على العديد من المنشآت الأردنية حيث شكلت الصادرات السورية الحصة الأكبر من البضائع الداخلة للمملكة في السنوات الأخيرة وخاصة في ما يتعلق في تجارة الألبسة والقطنيات والمواد التموينية ، كما أن الصادرات الأردنية إلى مصر وسوريا من أجهزة كهربائية ومواد تموينية إنخفضت بشكل ملموس مما ساهم في إنخفاض الأرباح لدى العديد من التجار الأردنيين ، في مقابل ذلك فإن ملف الطاقة كان ولا زال من أبرز الملفات العالقة مع الجانب المصري حيث أدت الأزمة السياسية في مصر إلى وقف تزويد الأردن بالغاز لمرات عديدة مما زاد من أعباء المديوينة على شركة الكهرباء الأردنية وساهم بشكل أو بآخر في زيادة فاتورة الطاقة على المملكة خلال السنوات الأخيرة بشكل متصاعد.
في مقابل ذلك قدرت كلفة اللاجئين السوريين من مأكل ومسكن وصحة وتعليم ومياه وغيرها من المتطلبات المعيشية خلال المرحلة السابقة ومنذ نشوء الأزمة بأكثر من 500 مليون دولار خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الإعتبار التكاليف الأمنية والبنية التحتية والطاقة والتعليم والصحة ، وإستطاع مخيم الزعتري على أرض المملكة أن يدخل الأرقام القياسية كثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم ، ولعل من المفارقات أن الموازنة الأردنية قد شهدت خلال الأعوام الأخيرة أزمة غير مسبوقة فأرتفع حجم الدين الداخلي والخارجي مما أجبر الحكومة إلى إعادة النظر في الدعم المقدم لبعض السلع والخدمات وفرض الضرائب على بعض السلع الأخرى في محاولة لكبح جماح عجز الموازنة.
أما في الجانب المعيشي فقد أدى تدفق العديد من المواطنين السوريين والذين قدر عددهم بما يقارب من المليون لاجئ سوري إضافة إلى توافد أكثر من نصف مليون وافد من العديد من الدول العربية ومن أردنيين مغتربين في الخارج على المملكة إلى أزمة حقيقية في المياه والمرور والتعليم وملف العمالة , تم معالجة أزمة المياه من خلال إستكمال مشروع جر مياه الديسي الذي يسجل له بأنه أسهم في عدم إدخال المملكة العام الجاري في أزمة مياه كبيرة.
كل ذلك لم يمنع تدفق العديد من رؤوس الأموال السورية والمصرية بسبب الازمة التي تجتاح كلتا الدولتيين ، وبات واضحاً للعيان أن بعض الإشقاء السوريين والمصريين إستطاعوا حجز مكان في خارطة التجارة الأردنية فتجارة الحلويات والمقاهي وبعض المحال التجارية بدا واضحاً أنها أخذت الصفة السورية أو المصرية أو العراقية ، كما إستطاع السوريون من خطف مركز متقدم من حيث شراء العقارات كما هو حال الإشقاء العراقيين الذين وجدوا في الأردن مكاناً آمناً يمكن الإستقرار فيه على المدى البعيد ! ساهم كل ذلك في رفع أسعار الشقق والمساكن على المواطن الأردني وباتت بعض أحياء العاصمة عمان تعرف بالفلوجة وريف دمشق لكثرة تواجد الإشقاء العرب فيها!
qatawneh@zuj.edu.jo