انظر الى الأسفل و"اتكل على الله"!
د. وليد خالد ابو دلبوح
25-08-2013 02:15 AM
اذا كان النظر الى الأعلى صعبا للغاية, فالغريب في أمرنا ... مجرد محاولة النظر الى الأعلى كانت أصعب بكثير!
ايّاك والنظر الى الأعلى ... فلا تنظر الى المانيا وبسماركها ولكن انظر الى خراب مصر وسيسيها... وقل الحمدلله ... واياك والنظر الى بريطانيا وشكسبيرها ... بل انظر الى سوريا وفعل جنرالاتها ... وقل يالله ... ولا تنظر الى ايطاليا وابتسامة موناليزها ... بل انظرها الى صفار وجهها وحزن عيونها ... وقل توكلنا على الله ... ولا تنظر الى تركيا وأوردغانها ... بل انظر الى العراق وحطام ماّذنها... وقل الشكر لله! ... ولا تقل انّا اقل حظا من المتفوق الناجح ... بل قل أنا أفضل حالا من المتخلف الفاشل ... وقل ما شاء الله!
عندما تكون حكوماتنا أرحم منّا بعضلات رقابنا .... ويُحزنها كم ستتألم لو ارتفعت عاليا بعد عقود من الخنوع الى الاسفل... وتنصحنا.. ايّاك والنظر أو محاولة النظر الى الأعلى ... اياك والنظر الى الجباة العالية ... أو الى الامم الشامخة .... أو الى القمم العاليه ... ابقي عينيك الى الاسفل ... نحو الاقدام لا الرؤوس .... نحو الأرض لا السماء ... نحو الثرى لا الثريا ... انظر الى الفاشل فينا لا الى الناجح حوالينا ... انظر الى الارض فقط ... حتى تجد كسرة خبزك أبلغ طموحاتك وأعظم أمانيك ... بحيث جنتك في الأرض لا تتعدى كسرة خبز مغموسة بالشاي المُحلى في أيام الأعياد!
عندها ... سيكون الفاسد ابو 50 مليون "نعمة" اذا ما قورن بالقاتل ابو 50 الف في الدول المجاورة ... ونحمد الله حينها حمدا كثيرا ... وعندها أيضا ... سيعود جميع الفاسدون الى سدة المسؤوليه بالتدريج من جديد .. لنقول " صحيح انو فاسد ... بس هو ارحم كثير من المجرم هنا وهناك" ... واذا ما قُدر بيع ما تبقى من ثرى الوطن .. لنعود ونقول " صحيح باعها ... بس بكفي انو لم يحرقها ويسفك فيها الدماء" ... انظر الى الاسفل يرعاك الله ... لتبقى متفائلا وشاكرا وحامدا!!
شتان بيننا وبينهم ... شتان بين الأرض والسماء!
عندما تبين لنا ان سماء حريتنا اقصر من سقف منازلنا ... يبدو أن في الحالة العربية فقط قد أثبتت أن المحاولة للوصول للهدف أصعب من تحقيق الهدف في حد ذاته... يقولون في الأمم التي تنظر فقط الى الأعلى " لا تنظر الى الأسفل وماذا قطعت من انجازات ... بل انظر الى الأعلى وكم سيتبقى لك من أشواط ... لبلوغ الذروة" ! كلما ارتفعت رؤوسهم أعلى ... ارتفع طموحهم وأرتفع معه شأنهم ... وكلما طئطأت رؤوسنا .... كلما طئطئ طموحنا وطئطئ شأننا!!
ولكن علينا أن نتذكر أنه ... "كل يوم هو في شأن" ... فلننظر الى المدى البعيد ... ولنعد العدّة دائما وابدا الى جميع التغيرات والمتغيرات المحتملة ... حيثما وكيفما شاء المولى ... لا ننتظر ماذا يحدث هنا او هناك ... حتى يبقى اردننا والاردنيون ... "غير" !!
Dr_waleedd@yahoo.com