لم ُيعزل رئيس مصر الأسبق حسني مبارك ولكنه قرر الاستجابة لإرادة الشعب المحتشد في ميدان التحرير والتنحي عن الرئاسة. ولم يختر مبارك الهروب من مصر بل ذهب إلى بيته في شرم الشيخ بشكل إقامة اختيارية ولكن ، تحت ضغط الشارع والشعارات تقرر تحويله للمحاكمة ، فكان يتم إحضاره إلى قفص الإتهام على سرير المرض بشكل أثار تعاطف الكثيرين نظراً لتاريخه وشيخوخته.
وجهت إلى حسني مبارك تهم عديدة تدور حول الفساد وقتل المتظاهرين ولم يثبت أي منها ، وصدرت لصالحه أحكام بالبراءه وإخلاء السبيل ، ثلاثة منها في عهد مرسي ، إذا لم يكن مطلوباً بقضايا أخرى.
البراءة وإخلاء السبيل للرئيس الأسبق بقرار قضائي في عهد حكم الإخوان المسلمين لم يثر اهتمام أحد في حينه ، ولم يعطه المعلقون أبعادأً سياسية ، أما في هذه المرة فقد اعتبر البعض القرار بمثابة عودة إلى العهد الأسبق ، وذلك لمجرد خدمة قضية الإخوان المسلمين والطعـن في ثورة 30 يونيو ونتائجها وتداعياتها ، وكأن هذه البراءة الرابعة تختلف عما سبقها ، وكأن حسني مبارك في طريقه إلى قصر الإتحادية!.
للأسف فإنه حتى الاحكام القضائية صار يتم تسييسها ، وأصبحت القرارات تؤخذ تحت ضغط الشارع. ومن هنا قرر نائب الحاكم العسكري بموجب صلاحيات الطوارئ وضع حسني مبارك قيد الإقامة الجبرية ، ليس لأنه يخشى أن يهرب ، بل لمجرد إسكات قطاعات من الرأي العام ترغب في الانتقام من مبارك أو توظيف إخلاء سبيلة لأهداف سياسية.
يذكر أن قرار إخلاء السبيل هذه المرة تحقق لأن السجين قضى كل الفترة التي يسمح بها القانون للحبس الاحتياطي ، وحدها الأقصى 18 شهراً ، لا يجوز بعدها الإبقاء على المتهم في السجن.
ما زالت أمام حسني مبارك تهمة قتل المتظاهرين ، وسيمثل أمام المحكمة لهذا الغرض ، ولكن دون أن يكون موقوفاً طالما أنه أكمل 18 شهراً في السجن ، واحتمالات هروبه غير واردة ، خاصة وأن رئيس المجلس العسكري الأعلى حسين طنطاوي كان قد شهد أمام المحكمة تحت القسم بأن مبارك لم يصدر أوامر بالقتل.
يريد البعض من القيادة العسكرية المصرية أن تأمر المحكمة بإدانة حسني مبارك بتهمة هدايا الأهرام البالغة 18 مليون جنيه كان قد أعادها لخزينة الدولة.
نريد ولو مرة واحدة أن نجد في بلد عربي غير لبنان رئيس جمهورية سابق وهو حر يتجول في الشارع بأمان ، كأي مواطن عادي.