تبدأ الديمقراطيات وتنشأ ضعيفة وهشة، غير فعالة، غيرليبرالية، وساحة للصراعات العنيفة، فالعديد من تجارب الدول الديمقراطية المستقرة كانت شديدة الصعوبة في البدايات.
لقد احتاجت فرنسا، وهي مهد الديمقراطية الأوربية، 150 عاماً فى التجربة والخطأ المليئة بالصراعات والعنف حتى استقرت على مؤسسات ديمقراطية ناجحة.
لقد مرت الولايات المتحدة بحرب أهلية طويلة، كادت تعصف بوجودها وتهدد بقاءها. كما أنها تعثرت كثيراً قبل أن تستقر وتسير بطريق الديمقراطية الحالية والتي تطبقها داخل بلادها فقط. الأمر الذي لا علاقة له بكيلها بمكيالين لدى الدول الخارجية التي تدعي دعمها لتسير في طريق الديمقراطية بينما أنها تسعى لتأمين مصالحها فقط دون مراعاة آراء شعوب تلك المناطق.
مرت فرنسا بخمس جمهوريات قبل أن تصل إلى الصيغة الأخيرة ( الجمهورية الخامسة) التي رغماً عن تحفظات بعض الفرنسيين علي بنيتها، لكنها الأكثر استقرارا منذ الثوره الفرنسية التي اندلعت عام 1789م. وذلك بعكس ما نراه في تراجع الديمقراطية وتحولها الى فاشية أو تسلطية شمولية، كما في ألمانيا، إيطاليا، وإسبانيا، وبولندا، وتشيكوسلوفاكيا (قبل تقسيمها). كل ما ذكر هو محاولات بدأت واعدة في مطلع القرن الماضي ثم تعثرت بشدة، لكنها عادت بعد تجارب مريرة إلى طريق الديمقراطية مرة أخرى لتصبح في النهاية ديمقراطية راسخة.
الديمقراطية الراسخة تعني أن قواعد اللعبة الديمقراطية مستقرة ومعروفة والكل ملتزم بها، ولا خروج عليها. كما أنه لا يملك أي جانب سياسي منفرد عبر وصوله إلى السلطة القوة لطرد الجوانب الأخرى في الساحة السياسية، أو تقليل من فرصها في الوصول إلى السلطة.
لقد احتاجت بعض الدول إلى مائة عام على الأقل والعديد من المحاولات قبل أن تقترب من هذه الصيغة. فمثلا مرت دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين وفننزويلا وبيرو بثلاث موجات للتحول الديمقراطي خلال المائة عام الماضية، ولا نستطيع القول أنها وصلت لمرحلة الديمقراطيات الراسخة بعد. وكذلك في آسيا هناك العديد من الحالات للتحول الديمقراطي التي فشلت ثم تعافت مرة أخرى، وليس أقلها شأناً اليابان، كوريا، وتركيا. أما في افريقيا فهنالك حالات للتحول الديمقراطي في غانا، ونيجيريا واوغندا التي لم تعان مشكلات على مستوى الديمقراطية فقط، ولكن على مستوى تهديد الدولة أيضاً.
الديمقراطية ليست نظاماً سحرياً لحل جميع المشكلات، مع أنها تحمل في طياتها بعض العقبات، ولكنها تظل أقل نظم الحكم سوءاً في بلدان العالم الطبيعية. أما في الدول المبتلاة تتحول إلى أسوأ نظام، لا بسبب الديمقراطية نفسها، و إنما بسبب الفهم المغلوط لها وتوظيفها لأغراض استبدادية. فتارة تتحول إلى ديكور وتارة تتحول إلى فوضى، وباسمها يمكن للغرب أن يدق إسفينا لأدخالها في حرب أهلية تقسم البلاد وتضعفها لتحقيق مآرب الغرب فقط.
إن وحدة الدولة وسيادتها مقدمة على شكل نظام الحكم فيها سواء كان ديمقراطيأ ام لا، أي أن حفظ نظام الدولة مقدم على حفظ الديمقراطية. كما أن درء الفساد مقدم على جلب المنفعة، لأن الحاكم الذي جاء بأساليب ديمقراطية ثم لم يلتزم باستحقاقات الديمقراطية سيترتب على قرارته مخاطر إنهيار الدولة وتهديد وحدتها.
مما سبق يجب أن نتعلم من تجارب الدول في صنع الديمقراطية و إعطاء المجال للجميع، واعتبار الوحدة الوطنية هي أساس استمرار الدولة ونجاحها وأن ننظر لمصالحنا دون اتباع تعليمات الدول العظمى، التي ترغب في تقسيمنا لدويلات خوفاً من وحدتنا.
لقد بدأت ثورة الصين عام 1952 في نفس الوقت الذي بدأت به ثورة مصر فأين الصين الآن وأين مصر. وبالنظر أيضأ إلى تركيا وتقدمها وتطوير اقتصادها خلال سنين بسيطة. لقد تفتت العراق وتفتت سوريا و لا نعرف مصير مصر إلى أين ....
العراق وبلاد الشام (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) ومصر بهم 160 مليون نسمة تقريبأ ولديهم من المقومات المادية والبشرية مما يجعلهم قوة لا يستهان بها، لو توحدت شعوبها ونبذت خلافاتها وعملت فقط لمصالحها القومية وتكامل اقتصادها.
لابد من تشجيع الاستثمارت الاقتصادية والسيا حية في هذه البلدان على الرغم أن الاستثمارت تأتي بعد أن يتم الأمن والاستقرار في البلدان. فبعد ذلك تقوم الدولة بتحديد هل تريد أن تصبح دولة مدنية ديمقراطية خاضعة لحكم القانون، أم دولة شمولية تحكمها القوانين المؤقتة التي لا ترعى مصلحة الشعب و الوطن.
لا اقتصاد ناجح دون استقرار سياسي حيث لا فصل بين السياسة والاقتصاد .
الخوف من ثورة جياع وارد إذا لم نركز على تنمية اقتصادنا والعمل بجد لصالح شعوبنا بتطوير الزراعة والسياحة و الصناعة لمواردنا المتعدده للوصول للاكتفاء الذاتي دون الحاجة لأي يد خارجية. الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي أساس تقدم الدول التي تحترم نفسها وترغب في خدمة شعوبها و إعلاء شأنهم وتطويرهم والعمل على راحتهم.