يُفاجئنا مسؤولون بقرارات نحن المتأثرين بها مباشرة بدون أدنى حوار مجتمعي يسبق اتخاذها أو بحث في أبعادها على صفحات الصحف، فتصبح أمراً واقعاً .."وعلى المتضرر أن يضرب رأسه بالحيط".. والأغرب أن هذه القرارات يتم تسويقها بعد تطبيق القرار على الأرض كحل للمشكلة.. فماذا لو عرفتم أن أمانة عمان ومثلها مؤسسات أُخرى عديدة باتت من فرط تقدمها وركضها (المحموم) نحو التطور.. تقدم الحلول لمشاكل لا وجود لها أصلا على الأرض..!!
في إشارات شارع مكة التي لم تُكشف بشفافية أبداً تفاصيل ومبررات وخلفيات قرار زرعها بهذه الكثافة إلا بما تم تسريبه من بعض مكاتب الأمانة غير الراضية عن الخطوة، قدمت الأمانة حلاً شافياً لمشكلة غير موجودة إلا إذا اعتبرنا أن مشكلة شخصٍ بعينه أو شركة أو مطعم تمثل مطلباً جامعا للشعب الأُردني..!؟
أسوق إشارات مكة لأُدلل على الأيدي المرتعشة التي تتخذ قرارات غير مفهومة ولا مبررة بليل، وبعيدا عن الأعين والحوارات المجتمعية حول آثارها وتوابعها.. وأتساءل من يدفع ثمن كل هذا التخبط سوى المواطن الوحيد في المشهد الذي يتلقى القرارات راضياً مرضياً دونما السؤال عن أسبابها..
فمن يعوض مثلا أُولئك الذين أُخليت منازلهم ومكاتبهم وشركاتهم بعد التعديل الأول لقانون المالكين والمستأجرين وقبل التعديل الثاني؟ وأين وجه العدالة فيمن طُرد من منزله بسبب الأول وفيمن بقي وحمى أبناءه من التشرد بعد تطبيق الثاني؟..
ماذا سنقول لمن تضرر من تطبيق قوانين الخلع، والارتباك الذي شهده سوق العقارات بسب فترات الإعفاءات العقارية التي مُددت وقلصت وتمددت وتوقفت وهكذا وسط حيرة وارتباك.. وماذا عن التخبط الذي شهده سوق الاتصالات الخلوية بسبب القرار الجهبذ الذي سيعود بالخسارة الأكيدة على موارد الدولة من القطاع.. وكيف أصبح التلاعب في منافذ البيع بالأسعار أمرا يوميا وعاديا؟..
قولوا لي هل نحن بلد اقتصاد حر.. أهذا يعني أن نترك المجال لتجار الخضار والفواكه والمواد التموينية والاستهلاكية للتلاعب بالأسعار كما يطيب لأمزجتهم وكروشهم، أم أن علينا أن نستعيد رقابة التموين التي كلما سألنا عنها أجابنا مسؤول عارف ببواطن الأشياء.. رقابة تموينية على ماذا.. ألا تعرف أننا سوق حر وللتاجر الحق بالبيع بأي سعر وللمواطن الحق في اختيار السعر المناسب؟..
قرارات الاستملاك والسكني والتجاري والرخص والضريبة والبث والمواقع الالكترونية وزرع الإشارات والإعفاءات والغرامات والضمان والعمالة الوافدة وعاملات المنازل وقرارات نقل المعلمين والأطباء كيفما اتفق أو على هوى الأمزجة وعلى وقع الحب والكره.. وآلاف مثلها ألا تستحق منا التوقف على طريقة طبخها في مطبخ حكومي أصبح بلا نكهة، اللهم ببعض من التوابل التي تُسبب التهيج..!!(الغد)
hani.albadri@alghad.jo