لم تعد الدنيا بسيطة ولا الناس ساذجون
رنا شاور
22-08-2013 05:51 AM
تفرض بوادر التغيير أجواء نفسية متباينة، فهي كما تبث التفاؤل في نفوس البعض، فإن ذات البوادر تشكل قلقاً وتهديدا على الذين يرون أن التغيير يسحب من تحتهم بساط التسلط ويزيد مواقفهم تأزما ً.
الرافضون للتغيير، خاصة إن كان ايجابيا، هم المستفيدون الحصريون من الحاضر البليد، يرفضون تعديل الواقع بما يضمن لهم البقاء أوصياء على الغير دون أيّ استحقاق.
إرادة التغيير يفجرها التراكم وليست وليدة صدفة أو مفاجأة، لكن المستفيدين من الحال البائس للغير يفزعون من إلقاء الرفض على جدار جمودهم، لأن هذا الرفض هو الجمرة الأولى التي ستشعل باقي الجمرات وشرارة الثورات القوية التي تقصّر المسافات.
من حق الأنسان أن يحلم بالكرامة والحرية والأمل، وأتذكر مقولة جميلة لأرشميدس أن بعض الناس يرون الاشياء كما هي عليه في الواقع ويقولون لماذا؟ اما انا فاحلم باشياء لم تحدث قط واقول لم لا.
كل شيء ممكن انجازه..فلم تبق الدنيا بسيطة ولا الناس ساذجون ولم يعد اصحاب الحقوق يرضون في زمن الكلمة بالفتات وبواقي المآدب.
انتُقد أحد المفكرين لكتاباته التي بدت بعيدة المنال ووصف أنه ينفخ في قربة مخرومة لكنه أجاب واثقا ً: أنا أكتب لقارئ لم يولد بعد. انها ارادة التغيير التي تتناقلها الأجيال حتى يتحقق الافضل وتبلى الثياب التنكرية إلى خرق.
يتعرف الناس على فرادتهم وتميزهم حين يكسرون قيد الرهاب من التجديد، وما قد ينتج من صعوبات يمكن تخطيه بالإرادة، فكل ما سيحصل بعد ذلك يبقى أفضل من بلاء الركود والتقهقر الذي يستولي على العقل والبدن وينخر المجتمعات بالسوس والفساد، ولك أن تطلع على حال الأمة حين يكون العقل في إجازة.
تتسابق الأمم للتفلسف بمقولات معلّبة لكنها تتراخى لتنفيذها، ذلك لفوبيا وراثية تملّكتها عبر التاريخ، وهكذا يبدو التمايز بين المجتمعات قائما ً على القدرة في المزاوجة بين القول والفعل، مع وجود الاستعداد النفسي والعملي الموازي للطموحات.
لا يمكن الإنزواء في مسارات مغلقة إلى الأبد، فلا بد من الخروج من العتمة مهما بدا ذلك بعيداً. (الرأي)