في الأخبار أن الحكومة تدرس إعادة النظر في التقسيمات الإدارية في المملكة، والحكومة في هذا الشأن تتحدث بوضوح شديد، إذ أن جولات رئيس الوزراء الأخيرة إلى المحافظات كانت مناسبة لتسمع الحكومة عن مطالب بترفيع هذا اللواء إلى محافظة وتلك الوحدة الإدارية إلى مسمى أعلى وهكذا مما جعل من هذه المطالب بوابة لإعادة قراءة التقسيمات الإدارية بما يحقق مسألتين: الأولى نسج أعلى درجة من التطابق بين الرتبة الإدارية من جهة وعاملي الجغرافيا والكثافة السكانية للوحدة الإدارية من جهة أخرى.الثانية وتتصل بالبعد التنموي إذ تود الحكومة أن تكون الموازنات موزعة بتوازن بين الوحدات الإدارية بما يحقق مبدأ العدالة فيما بينها.
الهدف إذن يتصل في البعد التنموي، وهو أمر ليس فقط مبرر بل ومطلوب لذاته، إذا ما أردنا أن نحدث نقلة تنموية متوازنة و موفقة في جميع المناطق، لكن ثمة أسئلة تتسرب في غير موقع تربط متطلبات التطوير الإداري البحت بمتطلبات سياسية أخرى تحت شعارات غير مطابقة منها الإصلاح السياسي، فالقراءة غير البريئة لإعادة النظر هذه تتصل في ما يمكن أن تحدثه من تأثير في تقسيم الدوائر الانتخابية، أما القراءة البريئة فهي لا تؤول النص ولا تلوي عنقه لتذهب به مذهب الخطط السرية التي لا تريد خيرا بأهل البلد.
أنا منحاز موضوعيا للقراءة البريئة لأنني لا افترض أسبابا غير معلنة في هذا الشأن ، لكن حسن نيتي كمراقب متفائل بطبعي قد لا تعفي المسؤول من التوضيح أكثر لهذه القضية إن لم يكن للتوضيح فلأسباب تتعلق بضرورة تضييق هوامش القراءات غير البريئة وتوسيع الأفق أمام من يحسنون الظن.
كلما دق الكوز بالجرة يبالغ البعض في الحديث عن ضرورة الإصلاح السياسي وكأنه قضية آنية ينبغي إنجازها الآن، والانكى أنهم يطرحون لذلك صيغا متطرفة جلها - إن لم يكن كلها - يلتقي مع مقولة التقاسم الوظيفي او (الدور)، رغم أن الحقيقة الموضوعية تؤكد أن الأردنيين راضون نسبيا عن مسار التطوير الحاصل الآن في مسارنا الديمقراطي ولا يضعون في سلم اولوياتهم هذا الموضوع بل ويؤخرونه لمصلحة قضايا معاشية وتفصيلية أكثر إلحاحا على الحياة اليومية.
لا أقول أن الإصلاح السياسي ملف مؤجل لكنه ليس بإلحاح الملف الاقتصادي كما أن الحديث عن قانون انتخاب جديد خلال عمر الدورة الأولى من عمر مجلس النواب الخامس عشر لا يدل على حكمة فضلا عن كونه حديثا يحمل من الدلالات غير البريئة الكثير.
الأردنيون يثقون بمسارهم الديمقراطي رغم ملاحظاتهم على درجة سرعته لكنهم يصابون بالوجل حين تتصاعد الدعوات الموسمية لتسريعه خارج حدود السرعة المسموح بها وطنيا ، كما يجيد الأردنيون تماما قراءة ما يحدث في الإقليم من إرهاصات سلام ويعرفون بغرائزهم المجربة ما يمكن أن تفضي إليه.
Samizobaidi@gmail.com