لا جدال في أن الإقليم كله وبلا استثناء يدخل مرحلة الخطر تباعاً فيما تشتبك وتتقاطع المواقف الدولية والإقليمية وحتى العربية إزاء ما يجري من تطورات مؤلمة، وذلك وفقاً لتقديرات كل طرف لما تتطلبه مصالحه!.
وسط هذا التطور الهائل والقاسي على الجميع، لا تملك الدولة الأردنية خياراً أقوى من خيار أن تكون المصالح الوطنية الأردنية هي المعيار الذي يحدد شكل وجوهر الموقف الأردني من ذلك التطور الذي صار يأخذ أشكالاً متعددة من التفاصيل المؤلمة، وسواها من التفاصيل التي يصعب في كثير من الأحيان التنبؤ بما ستفضي إليه من نتائج.
الأمر الناجز وسط هذا الطوفان من الأحداث والتطورات التي لم تكن تخطر ببال أحد حتى وقت قريب، هو أن إرادة الله جل في عُلاه، هي المحدد لمسار الأحداث والنتائج والتي قد تظهر في وقت لا أحد يعلم متى هو إلا البارئ المدبر سبحانه.
وعليه، فإن الحكمة والإيمان وحسن التصرف والتدبر، تقتضي جميعها أن يكون الأمن الوطني الأردني بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، هو هاجسنا جميعاً مواطنين ومسؤولين، ولا بد من أن يكون نقطة الارتكاز في كل قول وتصرف وسلوك يصدر عنا، مثلما يصعد الأمر إلى حتمية أن نصر وبما استطعنا من قوة على توحيد صفنا، والارتفاع فوق منسوب سائر الاجتهادات والخلافات وبالذات في هذا الوقت العربي والإقليمي العصيب الذي لم يكن لنا بالضرورة رأي أو شأن في ماهية تطوراته وأحداثه!.
هذا يقتضي بالضرورة أيضاً أن تكون لدينا خلية ذات عمق وابداع سياسيين، وبالتالي قدرة فائقة على قراءة المشهد واستشراف المستقبل وتقدير عواقب الأحداث تكون مهمتها الأساسية تجنيب الأردن سائر الشرور لا بل وتجاوز ذلك إلى جني الفوائد ليس على حساب مصائب وأحزان الآخرين، وإنما تقوية للأردن وقدراته على الصمود والمواجهة وأداء دوره الإنساني والعربي في مساعدة الأشقاء على تجاوز مآسيهم، ولست أخال ذلك بالصعب، وذلك استناداً إلى حجم الوجود المعنوي المقدر للمملكة الأردنية الهاشمية كدولة محترمة ظلت على الدوام في طليعة المنتصرين لقضايا أمتها بالكلمة والفعل معاً كسباً لمرضاة الله جل في عُلاه، وهي الأهم، والتزاماً بالدور التاريخي المشهود لهذا البلد العربي الذي تحمل على مدى العقود وما زال، القسط الأكبر من تبعات ما شهدته المنطقة من نكبات وويلات!.
والله من وراء القصد.