" وطي " بكسر الواو كما هي بلهجة أهل الخليج وأما المعنى فهي مفردة تفيد بوقوع شخصا ما تحت الأقدام وتعني أيضا الحالة بأنها لا تسر وأن الشخص قد وقع في كارثة أو مشكلة أو مأزق ونحوه ....
أما معناها محليا راح " وطي " بفتح الواو تفيد نفس المعنى و وطى مأخوذة من "الوطاة " وهي الأرض وأن شخصا ما انبطح أرضا وقد داسته الأقدام .كرامة المواطن قال تعالى.(ولقد كرمنا بني ادم).. صدق الله العظيـــم .
يعيش المواطن في وطنه مكرما معززا في ظل القوانين والنظم في وطنه ولا يرضى لنفسه الذل والاستضعاف ، ويعمل الساسة على صون كرامة المواطن وحفظ حقوقه وتوفير السبل القانونية والوسائل اللازمة لذلك ومنها توفير مستوى من العيش الكريم مما يؤدي إلى ارتباط وثيق للمواطن وبلاده وترابه الوطني ويعمق إحساسه بالانتماء والولاء مقابل احترام المسئولين له ضمن المواثيق والأعراف والدساتير النافذة .
يقال أن المسؤولية ليست سهلة أي أنها ثقيلة وعبء وهموم ومتاعب ، وقد تؤدي الى أصحابها إلى التهلكة .. والعقوبات .. والسجن .. والقلق ... وأمور كثيرة ، وفي وجهها الآخر مجموعة التزامات وواجبات ...بحر متلاطم من الأمواج والعواصف والتيارات ... ترفع الشخص إلى أعلى ... وقد تلقيه في الوحل ...ويبدو حزينا مهموما مكتئبا كثير الشرود و التوهان ... يفاجئ من يراه على غير عادته وكأنه شخص أخر غير ذاك الطود الشامخ كالجبال ... الذي يأمر فيطاع ويسير على الأرض وكأنه يتحداها و بين هذا وذاك تغدو ظاهرة صراع خفي في معظمه بين المسئول "الحكومي" والمواطن " الشعب " في علاقة تصالحيه تخاصميه على مدار الساعة،
إذ أن هنالك سوء فهم وخلط لدى الكثير من النخب السياسية الانتهازية والدغماتية السياسية والتي تعني انحسار العقل وإغلاق باب النقاش ، وضحالة في الفهم والتفكير في سبيل النضال السياسي ضد التسلط وأساليبه التي تتطلب التضحية من أجل الحصول على الحقوق الشرعية من وسائل وطرق النضال الوطني المشروع " بعيدا عن الاستعانة بالخارج " على أن قاعدة النضال الشرعية تعتمد على الحقوق الشرعية وأن الحرية والحقوق تنتزع انتزاعا ولا تمنح ...
وتراها معكوسة المعنى والمضمون لدى السياسي الدغماتي أي أن الحقوق في نظره تمنح ولا تنتزع وإذا فكر المواطن بغير ذلك يكون قد راح وطي !! ....
فلا يمر صباح حتى يفاجئ المواطن بارتفاع مذهل بالأسعار على كافة المستويات فقبل أن يفيق المواطن من صدمة ارتفاع منتجات الألبان يجد ارتفاع في المواد الأساسية كالرز والزيت والسكر والطحين .... ثم الملابس ومواد البناء ... وكل شيء حتى رباط الأحذية ؟!!.
الشاب راح وطي !!
شاب في مقتبل العمر " ثلاثين عاما " يصاب بالكآبة وهذا يعني تقلص العمر الافتراضي !! فعندما يخرج الشاب من الثانوية وكله أحلام وطموحات ...إذا وجد الجامعة بعد أربع سنوات يجد نفسه مقصوص الجناح معدوم الحيلة ... في ظل الشعارات المطاطة والاستهلاكية في معظمها لدعم الشباب عماد البلاد ، لتصطدم طموحاته بالبيروقراطية والمحسوبية ، فيبدأ يحلم بوظيفة بعد أن انقضى " نصف عمره" إن لم يكن العمر كله "والأعمار بيد الله سبحانه" ، وقد تلاشى حلم الحصول على الشقة والسيارة ... ورفيقة الحياة { الشاب يعيش في كابوس .....الشاب راح وطي } !!
المواطن راح وطي !!
على مدى العشرين سنة الماضية أفرطت الحكومات في الإسراف على ترفيه زمر الصف الأول والثاني من وزراء وكبار الموظفين والمتقاعدين والمستشارين فيما لحق الغبن والضرر في طبقات صغار الموظفين والعاملين من الطبقة الوسطى فبقيت مستويات الدخل لديهم جامدة في حين أن القفزات السعرية على مدى تلك السنين وما رافقها من التضخم الذي يزيد سنويا بنسب متفاوتة وأدت هذه العوامل إلى سحق الطبقة الوسطى وانهيارها والتي تعد الحاضنة الرئيسة للطبقة السياسية وهي المسئولة عن التماسك السياسي والاجتماعي للمجتمع ومن المعلوم أن انهيار الطبقة الوسطى يؤدي إلى فوضى عارمة من قبل الجياع " فوضى اجتماعية ، خلقية قيم وعادات وتقاليد وثقافة ..." .
تعرض المواطن على مدى السنوات السابقة إلى جشع التاجر و تغول الحكومات على حقوق المواطن خصوصا ذوي الدخل المحدود ، وزادت ضخامة البطالة وشيوع الفقر وسحق الطبقة الوسطى عدم وضوح في التخطيط وعدم وضع إستراتيجية شاملة وتعطل مفاصل الإنتاج الوطني بشكل عام في المفاصل المهمة واتجاه الخصخصة غير محدد المفهوم على صعيد التعاطي معه إذ أن بيع القطاع العام خلال رفع الأسعار ومن أخطر سلبيات الخصخصة هي زيادة نسبة البطالة والفقر وانتقال الاعتماد على القطاع الخاص يؤدي إلى انكشاف خارجي أوسع يؤدي بدوره إلى زيادة السيطرة الأجنبية على الاقتصاد الوطني كذلك استثمار الشركات متعددة الجنسيات للأموال داخل البلاد يؤدي إلى استنزاف قدراتها الاقتصادية ".
ولم يبقى للدولة بعد الخصخصة من مصادر تمويل سوى " الضرائب والمساعدات الخارجية " فقد بيعت مؤسسات القطاع العام " الرابحة أصلا " للمستثمرين الأجانب بأقل الأثمان كالبوتاس والفوسفات والاتصالات والاسمنت والملكية الأردنية والكهرباء ...ومن المعلوم أن هذه الشركات المتخصخصه تحول أموالها للخارج والتي من المفترض أن تبقى هذه الأموال كمورد أساسي داعم للموازنة ولم تعد الحكومة بحاجة إلى الافتراض الداخلي والخارجي لسد العجز في الميزانية وحل مشكلة الغلاء والتي تعتبر حلول"تخديرية " كما أن زيادة الرواتب يعتبر حل مؤقت قصير المدى إذا لم يترافق بتدعيم الإنتاج وإعادة النظر في برامج الخصخصة وإيقاف الهدر الحكومي في النفقات والضرب بيد من حديد على مروجي الخصخصة من الزمر النافذة اقتصاديا وسياسيا ومحتكري قوت الشعب .
المواطن المسحوق يحلم ببناء منزل !! إذا تصورنا أن مادة الحديد وقد وصلت إلى 660 دينار للطن ناهيك عن ارتفاع الأراضي والعقارات والتي ساعد في ارتفاعها هروب المدخرين لتنمية أموالهم في هذا القطاع بدلا من الادخار وتمنية الأموال في القطاعات التجارية المختلفة !!
وفي ظل الدغماتية السياسية هل وجب على المواطن :-
• الخنوع والابتذال والامتهان !!؟
• تمرير التسبب والفساد والعبث !!؟
• أن لا يمتلك الجرأة في كلمة الحق والباطل !!؟
• أن نتحول إلى مجتمعات بكماء وأن نصير من الرخويات الهلامية !!؟
• أن نمسك بميزات المبادرة الواعية والعقل الهادف !!؟
• العزلة والانغلاق والتقوقع حتى التلاشي !!؟
• عدم الانسجام وعدم تقبل الآخر بأي حال !!؟
• أن نبقى أسرى مفاهيم بالية و رثه دائما !!؟
• أن نعيش في الظلمات وغياهب النسيان !!؟
• أن نتنكر للكلمة الطيبة والأعمال!!؟
• البلادة والتجرد من كل إحساس!!؟
• مبدأ الصراخ على قدر الألم!!؟
• الرجل رغم النشاط وجمال الرؤى يهش الكآبة عن رأسه فتعود بإصرار ذبابة..!!؟
لنتصالح مع أنفسنا ونرضي ضمائرنا بمرضاة الله وهذه دعوة لمحاسبة أصحاب الثراء الفاحش وممن تتجمع بيدهم الثروات !! ومد يد العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين و لقاطني بيوت الشعر أو لمن يعيش تحت الصفيح !! و من المعلوم أن الصلاة ركن و الزكاة ركن فلا يجوز أن نقيم ركنأً و نلغي الآخر ، فلو أخرج نصف من يقيم الصلاة من الأثرياء زكاة أموالهم لم يبقى فقير في البلد و أن لا تتحمل الدولة أوزار كل شيء ، وأن نعيش وفق مبدأ الرفق الذي يحث على المزاج الإيجابي في التعامل والذي يقوم على التوازن والوسطية في إعطاء كل ذي حق حقه وأصبح هذا المشهد واضحا في مجتمعنا الذي يعاني من ظاهرة الدغماتية بانواعها المختلفة.