أنقذوا رشاد الجماعة وراشديها
عمر كلاب
19-08-2013 04:42 AM
لا يمكن الجزم بخطوة الجماعة الاخوانية القادمة في مصر او في سائر الاقاليم الاخرى، بوصفها الحزب العالمي الوحيد الذي يمتلك اذرعا في كل المناطق والاقاليم، وعدم توفر الجزم لا ينفي ان الملامح الأولية تشير الى انتهاجها منهج العنف او الصدام المُسلح، مدعومة بتطرف مضاد يواجهها، من بداية الطروحات بتصنيفها كتنظيم ارهابي وليست نهاية الطروح التلويح بسحب تراخيصها ومصادرة موجوداتها .
وللتذكير فان كل الحركات التي انتهجت العنف هي من مخرجات انشقاق الجماعة نهاية سبعينيات القرن الماضي، اي ان البناء الذاتي للجماعة يقبل العنف او التحول نحوه ، كما يقبل الديمقراطية على مضض بحكم عدم وجود اليات نظرية داخلية تحمل هذه الافكار ، فقبول التخلي عن مبدأ الشورى عند الجماعة لصالح صناديق الاقتراع المرفوضة منهجا وعقيدة لم يكن قرارا سهلا وربما تم قبوله من بعض المتشددين على وعد الوصول بالصناديق الى الشورى او كما عبّر عباس مدني بعد انتخابات الجزائر تسعينيات القرن الماضي بأنها آخر انتخابات .
القبول الاجرائي بالصناديق ولعبة الديمقراطية يجب ان يتحول الى قبولٍ سلوكي ونظري عند الجماعة وان تحمل برامجها النظرية وادواتها الثقافية فكرة الديمقراطية مسلكا واجراء ً ، وان يتم تدريب كوادرها على ذلك وهذا يستلزم تطوير العلاقة معها وليس قطعها، فمن تربّى على منهج السمع والطاعة سيكون صعبا عليه ان ينتقل الى نظام تسليم واستلام السلطة بأمانة ويسر، ومن يعرف مبدأ الشورى ومواصفات عضو الشورى عند الجماعة يعرف صعوبة الخطوة المقطوعة منهجيا، فالصناديق قد تفرز من لا يحق له الوصول الى مرتبة اهل الحل والعقد “ ممن تجوز فيهم البيعة الصغرى “ وقد يكون حسب المواصفات النظرية من الرعاع الذين يستوجب جلدهم او القاءهم من شاهق او تعزيرهم حد الموت .
الخطوة المقطوعة نظريا ليست سهلة على البناء الذاتي للجماعة، وما يبرز من شطحات ارتدادية عن الديمقراطية لأعمال مبدأ الشورى يمكن تفهمه واستيعابه من الدولة – اية دولة – اذا كانت تريد تثبيت الجماعة على منهج الديمقراطية وتمكين انسحابها تدريجيا من مسألة الشورى، وهذا يكون بالتواصل وتقوية انصار الديمقراطية على مخالفيهم، ولا يمكن ترك المعتدلين منهم اسرى للمخالفين الذين يمتلكون سطوة النص ويمتلكون الخطاب الغرائزي المُعبر عن طموح البسطاء والمهمشين وعن احلام النخبة في الوصول الى السلطة والتسلط بها .
فيزيائيا – بحكم ان الفيزياء ام العلوم – لا يمكن نسف فكرة من داخلها او اعدام فكرة بل يمكن انتاج فكرة جديدة تستوعب السابق وتدفع السابق الى التحلل والبقاء ساكنا او معزولا، وعكس ذلك فإن الفكرة المُستهدفة يمكن ان تنشطر وتتشظى الى افكار متعددة فيها المُتطرف وفيها المعتدل، تماما كما حدث في سجن طرة المصري في العام 1978 حين انشطرت الجماعة وتشظّت الى اربعة اجزاء، فقد بقيت الجماعة كتلة كبيرة وخرج منها تيار سلفي يؤمن بالحاكم الموجود ويكفّر الخارجين عليه، وظهرت مجموعة التكفير والهجرة ثم جماعة السلفية المتشددة التي تُجيز مقاومة الحاكم بالسلاح .
ما يجري حاليا من تحريض وتحريض مضاد يقوم بتحويل الجماعة من حالة متقدمة داخل الفكر الاسلاموي الى لقمة سائغة في فم التيارات المتشددة التي خالفت الجماعة في قبولها مبدأ الانتخابات والصناديق بل وصل الخلاف الى درجة تكفير الاخوان واتهامهم بالردة، وعلى الجميع الالتفات الى هذه الزاوية في التأطير النظري للعلاقة مع الجماعة رغم جلوس المتشددين في معظم الاقطار على مقعد المراقب العام ومقاعد الشورى، ويتطلب ايضا عدم الاستماع الى اراء تيارات يمينية تحمل عداءً للجماعة سواء كان هذا العداء على خلفية مصلحية مثل اراء السياسيين اليمينيين او اراء غلاة الليبرالية والعلمانية الذين يجدون في تحول الجماعة نحو العنف فرصة لالغاء الجماعة وشطب وجودها .
omarkallab@yahoo.com
الدستور