إعمار المدارس فضيلة أيضاً
عصام قضماني
19-08-2013 03:12 AM
يتبارى المحسنون والمقتدرون في بناء المساجد ولا ينفق أحدهم قرشا أحمر في بناء مدرسة , أليس بناء مدرسة يعدل في ثوابه وأجره عند الله بناء مسجد , وقد إعتبر علماء موثوقون المدرسة بيتا من بيوت الله أيضا .
لا نسوق هذه المقاربة لنعقد مقارنة , فللمساجد أهميتها , لكن للمدارس أهميتها كذلك ليس في العلم الذي حض عليه الدين بل في إعداد أجيال تسهم مستقبلا في بناء إقتصاد البلد وتطويره وتحديثه , وإن كانت المقارنة جائزة هنا فإنها تذهب حتما لمصلحة المدرسة لأهميتها في صيانة موروث البلاد الإقتصادي والحضاري والإجتماعي والديني أيضا .
المفارقة هنا هي أنه بينما تتباهى وزارة الأوقاف بعدد المساجد في المملكة والتي ناهزت ستة آلاف مسجد وتقول أن الأردن قد تقدم بأرقام قياسية على دول عربية وإسلامية كثيرة في عدد المساجد , تشكو وزارة التربية والتعليم من نقص المدارس وعددها بالمصادفة اقل من عدد المساجد (عدد مباني وزارة التربية والتعليم 6 آلاف مبنى مختلف منها 4 آلاف مدرسة 23% منها مستأجرة والباقي ملك للوزارة ) وسوء جاهزية بيئتها وإكتظاظ صفوفها الى 60 طالبا في مدارس شمال ووسط وجنوب المملكة .
تؤول المساجد في المملكة بعد بنائها الى وزارة الأوقاف , بينما لا تزال وزارة التربية تستأجر المنازل كمدارس لا تشكل بيئات تعليمية مناسبة لصغر حجمها بما لا يلبي متطلبات العملية التربوية والتي زادت أجورها بأكثر من 5ر1 مليون دينار إثر تداعيات قانون المالكين الأخيرة إضافة الى كلفة إستئجارها, وتلقت بعضها إنذارات بالإخلاء من مالكين آخرين .
لا تستطيع وزارة التربية أن تتخلص من الابنية المستأجرة المكلفة على الخزينة والإقتصاد فهي لا تستطيع أن توفر الارض التي يمكن ان تبنى عليها مدرسة وفي حدود ما أعلم لم يتبرع أحد بأرض يملكها لهذه الغاية أسوة بما يحدث عند بناء مسجد .
في مدارس كثيرة يفترش التلاميذ الأرض ويتزاحم أخرون على مقعد تالف وتفتقر الغرف الصفية لأبواب ونوافذ تقي البرد والحر ولا تدفئة أو تبريد فيها و بينما يتبارى المحسنون والمقتدرون مجددا في فرش المساجد بأفخر أنواع السجاد والستائر والنوافذ والأبواب وأجود أجهزة التدفئة والتبريد .
إن إتفقنا أيها المحسنون والمقتدرون على أن دور العلم هي دور عبادة أيضا , فأقل ما يمكن هو إعمار المدارس أيضا بالتوازي مع المساجد وكل نفقة في هذا أو ذاك هي صدقة جارية لكم عند الممات ولمستقبل أبنائكم في الحياة .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي