من المفترض أن يتوجه المواطنون، في السابع والعشرين من الشهر الحالي، لصناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس البلدية التي يتبعون لها ورئيس البلدية.
هذا التوصيف ينطبق على كل البلديات في المملكة، باستثناء عمان التي لا يحق لأهلها انتخاب رئيس بلديتهم، ولا يحق لهم سوى انتخاب نصف عدد أعضاء مجلس البلدية الخاص بهم.
لا غرابة في ذلك فالحكومة الحالية، والحكومات المتعاقبة يعرفون أكثر منا جميعا ويعرفون أن أهل عمان غير أكفاء وليس لديهم القدرة على اختيار كل من يمثلهم، وليس لديهم الفطنة لاختيار أمين عاصمتهم، كما يفعل اقرانهم في بلديات أخرى وكما تفعل شعوب عواصم العالم المختلفة.
الحكومة تعرف أكثر وتعرف أن أهل عمان لا يجيدون قراءة المستقبل وتخاف أن يسيئوا الاختيار، ولذلك فان الحكومة تفرض وصايتها عليهم، وترفض منحهم حق انتخاب الأمين وانتخاب كل أعضاء مجلس الأمانة، لأن الحكومة ببساطة تعرف أكثر!.
"الحكومة الرشيدة" تعرف أن سكان المحافظات الأخرى خارج العاصمة يملكون الوعي الكافي واللازم لانتخاب كل أعضاء مجالس بلدياتهم ورئيس البلدية، بينما أهل عمان لم يصلوا لما وصل إليه أقرانهم الآخرون، ولذلك ما تزال تفرض وصايتها عليهم وترفض منحهم حق اختيار أمين عاصمتهم.
حتى الآن لم يقل أحد للحكومات المتعاقبة أن عمان بلغت سن الرشد، وأهلها يستطيعون اختيار من يمثلهم في البلدية، كما يستطيعون اختيار من يمثلهم في البرلمان، حتى أن نواب عمان يقفون مكتوفي اليد أمام هذا الواقع الشاذ.
الحكومة تصر على التعامل مع عمان باعتبارها قاصرا وأهلها غير مؤهلين لانتخاب كامل أعضاء مجلس بلديتهم، والوصاية واجبة عليهم، ولكن الحكومات لا تقول لنا، نحن العمانيين، متى سترفع الوصاية عنا، ونستطيع بالتالي الذهاب لصناديق الاقتراع، وانتخاب أعضاء المجلس كاملا وكذلك الأمين.
عذرا أيتها الحكومة فاني أعلنها هنا دون تردد أو ندم، لن أذهب للانتخاب في السابع والعشرين من الشهر الحالي، ليس تضامنا مع أحزاب مقاطعة لا أعتقد أن مقاطعتها أو مشاركتها باتت تعني أحدا، ولكن تضامنا مع نفسي، ودفاعا عن عمان التي أحب وأعشق، دفاعا عن حقي في الحياة والوجود، وعن حقي كإنسان كامل يفترض أنه يتمتع بكامل حقوقه لأنه يدفع كامل واجباته، فأنا ادفع الضرائب بانتظام وأدفع فواتير الماء والكهرباء والمسقفات دون تهرب، ولا أسرق الكهرباء، أو أعتدي على شبكات المياه.
من حقي وفقا لذلك أن أمارس ما يمارسه أندادي في الزرقاء والكرك ومعان وعجلون وإربد والسلط كاملا دون انتقاص، وأذهب لانتخاب أمين عاصمتي دون أن تفرض الحكومة عليّ أمينا للعاصمة من خارج عمان لا يعرف مشاكلها وأوجاعها، ودون أن تفرض علي الحكومة الحالية أو اللاحقة أو الحكومات السابقة الطريقة التي يحق لي بها انتخاب أمين عاصمتي ومجلسي البلدي فيها.
لن أذهب للاقتراع لانتخب شكلا مشوها للديمقراطية، وأشارك في وضع ديكور مزيف حتى يقال إنني مارست فعلا ديمقراطيا كاملا، ولن أشارك في عرس البلديات وأنا أعتقد أن عدم قيامي بانتخاب أمين عاصمتي يتعارض مع مبدأ دستوري مهم يرى أن الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات.
إن كانت نية الإصلاح حقيقية ويوجد من يدفع بها للأمام، فعلينا إخراج "البعبع" من عقولنا، والذهاب نحو الديمقراطية الحقيقية التي لا مكان فيها لـ"لف ودوران"، والكف عن "تغطية الشمس بغربال"، والذهاب مباشرة نحو تعزيز قيم المجتمع والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات ومنح ابن عمان ما يمنح لأبناء البلديات الأخرى، وعدم إثقال أبناء عمان بالضرائب وارتفاع الأسعار وغض النظر عن مناطق أخرى لا يستطيع جابي الكهرباء أو الماء الوصول إليها.
إن كانت النية نحو الإصلاح ما تزال قائمة، فإن الإصرار على فرض الوصاية على أكثر من مليونَي مواطن يقطنون عمان وسلبهم حق انتخاب عمدة مدينتهم، يتنافى مع أبسط قواعد الديمقراطية.
jihad.mansi@alghad.jo
الغد