شعارات جذابة لأهداف متناقضة
د. فهد الفانك
17-08-2013 03:17 AM
في التداول عدد من الأهداف المتناقضة والمثيرة للجدل يجري تجاوزها بشعارات عامة مقبولة للجميع. وقد تحقق في هذا المجال (إنجازات) كبيرة تستحق الإعجاب ، ولكن دون أن نحقق أية نتائج.
يقال مثلاً مطلوب قانون انتخاب عصري يتوافق عليه الجميع ، وهذا حسن ، ولكن الجميع لا يتوافقون على صيغة واحدة للقانون ، فما يريده العشائريون مثلاً غير ما ينادي به الإخوان المسلمون.
ويقال مطلوب قانون للمالكين والمستأجرين يؤمن العدل بين الطرفين ، ولكن مثل هذه الصيغة لا وجود لها ، فما يكسبه المالكون يخسره المستأجرون والعكس بالعكس ، وكل قانون يصدر سوف يوصم بأنه منحاز لهذا الجانب او ذاك. وتعود المشكلة أساساً إلى عدم احترام حق المالك في ملكه من جهة ، وعدم الالتزام بالعقود كشريعة المتعاقدين.
ويقال مطلوب قانون عادل للضمان الاجتماعي ، يحسـّن أوضاع المتقاعدين من جهة ويحمي المركز المالـي للمؤسسة على المدى البعيد من جهة أخرى ، لكن مثل هذا القانون لا وجود له ، فالمعادلة الصحيحة تتقرر رياضياً (اكتوارياً) ، وكل زيادة في حقوق المتقاعدين تنعكس سلباً على ديمومة المؤسسة كمظلة للأجيال القادمة ، وكل مبالغة في تراكم الفوائض تنعكس سلباً على حقوق العاملين.
ويقال مطلوب آلية لتسعير المنتجات الزراعية والصناعية بحيث يتحدد السعر العادل الذي لا يؤدي إلى استغلال المستهلك ولا يؤثر سلباً على اقتصاديات المنتج ، مثل هذا السعر للأسف لا يتقرر إدارياً بل يتحدد في السوق ، وكل تدخل في العرض والطلب يعني الانحياز لأحد الجانبين وإلحاق الضرر بالجانب الآخر.
ويقال مطلوب سياسة مالية حصيفة تشجع النمو الاقتصادي من جهة ولا تؤدي إلى العجز وارتفاع المديونية من جهة أخرى ، وهذه السياسة لا وجود لها ، فإما أن تعطى الأولوية للنمو عن طريق المبالغة في الإنفاق ، أو للأمن المالي فتعطى الأولوية لضبط الإنفاق.
خلاصة الوضع إن كثيرين ، ممن لا يريدون الالتزام باتجاه أو آخر ، يفضلون المسك بالعصا من الوسط في محاولة لإرضاء جانبين مصالحهما متناقضة.
لا يمكن أن نحقق هدفين متناقضين بقرار واحد. ويجب أن نعترف بأن التناقض في المصالح لدرجة الصراع الاجتماعي حقيقة موضوعية لا يمكن إنكارها أو القفز عنها بحلول (مبندقة) قد تصلح سياسياً وإعلامياً ولكنها غير مجدية عملياً.
الرأي