اعطني خبراً حلواً فأعطيك ابتسامة
المحامي محمد الصبيحي
15-08-2013 04:01 PM
من منكم يتذكر آخر مرة قرأ فيها صحيفة في الصباح فتبسم لخبر مبهج أو نادر أو لرسم كاريكاتير يثير الضحك؟
اننا نسارع يوميا الى تتبع نشرات الاخبار والصحف موقنين بأخبار سيئة وليس بيننا من يتوقع خبراً طيباً أو بشرى سارة.
قديماً ولا أذكر متى كان الموظفون يترقبون الخبر السار (زيادة رواتب الموظفين خمسة دنانير شهريا..), وكان خبراً مثل هذا يتصدر المانشيتات ويصبح حديث المدينة ومحل الثناء على الحكومة, ومناسبة لبرقيات وإعلانات الشكر الى رئيس الوزراء.
اليوم نسارع الى صفحات النعي ثم الى أخبار الجرائم ثم الى حالة التفكك والقتل العربي في الاقليم, ونضع أيدينا على قلوبنا من انعكاس رفع تعرفة الكهرباء على متطلبات الحياة الاخرى وما اذا كان وزير المياه سيقول إن محطات الضخ تعمل بالكهرباء ولا بد من رفع أسعار المياه.
لدي صديق قديم كان كثير التفاؤل ثم تحول الى يائس محبط مكتئب وكان يتساءل عن مبررات الاستمرار في الحياة, ويسألني ما هو الدافع الذي يجعلنا نستمر؟ أي هدف نرغب بتحقيقه ونكد للوصول إليه؟ وبالنتيجة كانت مشاعر الرغبة بالانتحار تتدفق بين كلماته فاقنعته بزيارة طبيب نفساني صديق أيضاً, وبعد عدة زيارات تبدل حال صاحبنا وبدأ التفاؤل يتسلل الى نفسه رويدا رويدا وها هو يمارس حياته اليومية كأفضل ما يكون, ولكن المفاجأة التي أذهلته أن الطبيب الذي أعاد إليه الرغبة في الحياة سئم الحياة وانتحر!
وباستعراض الحياة اليومية حولنا وحديث أي منا مع الآخرين وما يطرحه الناس في سهراتهم ومناسباتهم فان من السهل اكتشاف أن التشاؤم هو المسيطر على الحديث والخوف من اليوم التالي هاجس عام, وحين امتلأت الصحف باعلانات التهاني للناجحين في الثانوية العامة أو حين كانت مواكب سياراتهم تطوف الشوارع وتطلق أبواق وصرخات الفرح بالنجاح كنا ننظر اليهم نظرة تشاؤم ونعتبرها فرحة قصيرة ستسقط عند بدء رحلة عناء البحث عن مقعد جامعي, وحين كنا نشارك في احتفالات تخريج طلبة جامعة كنا نخفي هاجس البطالة وراء عبارة التهنئة المزيفة, ولذا فان لدي شعور بدقة وصدق رأي أحد الاصدقاء حين قال (لا يوجد فرح حقيقي في هذا الزمن) وأضاف آخر جملة (الا للمؤمن بلقاء خالقه).
نتذكر حكمة كانت تكتب على السيارات أو حافلات النقل العام تقول (القناعة كنز لا يفنى).. ألا تلاحظون أن هذه الحكمة اختفت؟ صحيح فهناك من يقول إنها جملة وضعت لتخدير الفقراء وإقناعهم بالرضا (بالمقسوم) وأنهم بسكوتهم ورضاهم فقد حصلوا على كنز ثمين لا يملكه الأغنياء وأصحاب النفوذ! ولكن أي بنك سيقبل إيداع هذا الكنز الثمين في حساب فقير؟, ومن يقبل أن أدفع له ثمن الخبز نصف كيلو قناعة؟
حقيقة أن فئة واسعة من الناس في حالة كد يومي, وأن يوم العطلة الذي يتمناه جزء منا يعتبر يوم مصيبة لجزء آخر يعملون بالمياومة, قوت أولادهم يوماً بيوم!
نحن بحاجة الى خبر مفرح! على الحكومة أن تبحث عن خبر أو قرار مفرح مثلما تبحث عن وسائل ضبط الإنفاق وتخفيض عجز الميزانية! هناك عجز فادح في ميزانية التفاؤل الشعبي لا بد من البحث عن وسائل لسدّ هذا العجز!
وما دامت السويد وسويسرا ليستا في قائمة الدول المانحة للأردن فهل يمكننا اقتراض بعض التفاؤل من الشعب السويدي أو الاشقاء في سويسرا؟
وحين يبدأ الاطباء والعقلاء بالانتحار فان (ضبان) عقل وزير الصحة يجب أن يطير من مكانه.
m.sbaihi@hotmail.com