في معارك القدس الجديده (5)
د. معن ابو نوار
12-08-2013 10:18 PM
في يوم 24 أيار 1948 : وبينما كانت المعارك على أشدها في كل جبهة عربيه أرسل الوزير المفوض البريطاني في الأردن كيركبرايد برقية إلى وزير الخارجيه البريطاني ؛ وصف منها القتال على الجبهة الأردنيه قال فيه:
" 2. لقد قام الجيش العربي الأردني بأكبر قدر من تحقيق أهدافه في المناطق العربية في فلسطين بنجاح. وقد تدخل في قتال شديد في القدس. وربما يحصلون على هدفهم الرئيسي بقطع القدس عن الساحل لتأمين حماية الأماكن المقدسة الإسلاميه والمدينة العربيه. وكما قلت سابقا ؛ فإن هجوما على القدس يلمس أكثر الأعصاب حساسيه لدى الرأي العام في جميع أنحاء العالم. وفي السرعة التي ينتهي القتال هناك سيكون الحال أفضل."
وفي يوم 29 أيار أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا طالب فيه قيام هدنة لمدة أربعة أسابيع من قبل جميع المحاربين في فلسطين وجرى تعيين الكونت برنادوت وسيطا لهيئة الأمم المتحدة بين الجانبين العرب واليهود.
وفي يوم 30 أيار قررت الحكومة البريطانيه : " سحب جميع الضباط البريطانيين المعارين من القوات البريطانية إلى الجيش العربي الأردني من قياداتهم حالا وأن ينسحبوا من المعركه." وقد أهمل الكولونيل تيل أشتون قائد لواء المشاة الثالث ؛ واكابتين نايجل بروميج أي نية بالإنسحاب. ولم يؤثر على جلوب وعدد قليل من الضباط البريطانيين المجندين بعقود مع الجيش العربي الأردني.
وفي يوم 1 حزيران 1948 أغارت طائره يهوديه على العاصمه عمان ؛ واستشهد فيها خمسة مدنيين ؛ وجرح إثنان ؛ وبعد ذلك قامت قوة يهوديه من شركة البوتاس في الجنوب قرب البحر الميت على مخفر غور الصافي وجرحت ثمانية من رجال الشرطه ؛ وقامت بطردهم قوة من فرسان الجيش العربي الأردني.
وفي الساعة 0800 يوم 11 حزيران 1948: قامت الهدنة بين العرب واليهود في فلسطين ؛ وفي يوم 12 حزيران : شكل لواء المشاة الأول كتيبة المشاة الخامسة كما يلي:
القائد الوحده
القائد الرائد علي الحياري
أركان الحرب الملازم صالح الشرع
قائد السريه الأولى الرئيس سليمان مسعود
قائد السريه الثانيه الرئيس محمد خلف العمري
قائد السريه الثالثه الرئيس راضي العبد الله
قائد السرية المسانده الرائد كريم أوهان
قائد سرية القياده الرئيس عبد الله العايد.
في يوم 17 تموز 1948؛ وعند الساعة العاشرة صباحا تقدمت عصابة الإيرغون إلى باب الجديد ؛ وكادت أن تقتحمه لولا تمكن الجنود الأردنيون من قتل معظم المهاجمين الذين هربوا حاملين قتلاهم وجرحاهم. وفي نفس الوقت قامت كتيبة من لواء عتزيوني بهجوم على باب النبي داوود بهدف إختراقه ؛ وسمحت لهم كتيبة المشاة السادسه بالتقدم حتى منطقة القتل المخطط\ لها سابقا ؛ وما أن وصلوا إليها ؛ فتحت القوات الأردنية النار عليهم من البنادق والرشاشات ؛ ورماية القنابل اليدويه مما اضطرهم إلى الإنسحاب بعد تكبدهم خسائر فادحة جدا.
في عمارة جمعية الشبان المسيحيين ؛ القريبلة من الموقع المسمى باب المندلبوم في القدس الجديده ؛ تكبدت السرية الثانيه من كتيبة المشاة الثالثه عددا من الخسائر ؛لا يستهان به نتيجة لرماية صيادين يهود من عمارة جنوب الشارع الفاصل بين الجانبين. وفي زيارة استطلاعيه قام بها الركن العسكري من قيادة لواء المشاة الأول الميجر جورج كورفيلد ؛ والركن الثالث الملازم معن أبو نوار ؛ أبلغهما قائد السرية الثانيه عن صياد يهودي بارع قتل أكثر من أربعة جنود من سريته . وكتب الملازم معن أبو نوار:
" عندها أخذنا مدفع صاروخ مقاوم للدبابات ؛ وصعدنا إلى ظهر سقف عماره جمعية الشبان المسيحيين الذي يحيطه جدار على إرتفاع متر واحد تقريبا. وبواسطة خدعة تحريك خوذة فولاذية على عصى فوق الحائط لتعطي انطباعا أن جنديا يسير هناك ؛ استقطبنا عدة طلقات من الصياد. وبتلك الوسيله تمكن جورج كورفيلد من تعيين موقع رماية الصياد اليهودي من طلاقية مفتوحة من جدار بيت مقابل. وأطلق جورج صاروخا على وكر الصياد وقتله. وهكذا إشتعلت نيران معركة شديدة بين السرية والوحدة اليهوديه المقابله. ؛ وخلال دقائق قليله سقطت قنبلة يهودية على الحائط بارتفاع قدمين تقريبا فوق راس جورج كورفيلد ؛ وبالرغم من أنه لم يجرح لأنه كان تحت خط إنطلاق الشظايا ؛ إلا أنه أصيب بصعقة الإنفجار التي لم يشف منها . وقد أرسله الجيش العربي الأردني إلى بريطانيا للعلاج. كان جورج كورفيلد ضابطا شجاعا ؛ ورجلا نزيها وشريفا ومهذبا وخلوقا. وقد حل مكانه الميجور مونيهان الذي سرعان ما تبين لي أن أقدر قدراته هو السكر الشديد ليلا ونهارا. وسرعان ما طرده الجيش العربي الأردني."
"خلال تلك الليله ؛ وبرفقة جندي من كتيبة المشاة الثالثه ؛ سحبنا ربطتين من سلك شائك حلزوني ؛ ونحن نزحف على أيدينا وركبنا ؛ ووضعناه كحاجز في حديقة العماره على طول الحائط المحيط في البيت الذي احتلته السريه قبل يومين. وخلال عودتنا انفجر لغم ضد المشاة تحت قدم رفيقي وجرحه جرحا بليغا. وسارعت لحمله ونقلته إلى زملائه الذين سارعوا لنجدتنا. وبعد حوالي عشرة دقائق لاحظ قائد الفئه أن " طماقي" على رجلي اليمنى وحذائي مخضبين بالدم ؛ واقترح التكرم بتنظيفي ؛ عندها وحسب شعرت بألم دافيء في " بطة " قدمي ووجدت جرحا نازفا منها. ؛ وتكرم علي جندي إسعاف من كتيبة المشاة الثالثه بمعالجتي."
وفي اليوم التالي بدأت الهدنة الثانية على الجبهة الأردنيه.