هكذا فوتت الحكومة فرصة فريدة للإصلاح
جميل النمري
12-08-2013 03:11 AM
فوتت حكومة د. عبدالله النسور فرصة ثمينة لإنجاز خطوة إصلاحية رئيسة، هي الوحيدة المتوفرة على أجندة العام الحالي، وأعني بها الانتخابات البلدية.
غلطة فادحة لم يقدّر الرئيس حجمها؛ إذ قرر إجراء الانتخابات بالقانون القديم، لسبب شكلي إجرائي يتعلق بالمواقيت! فتأجيل الانتخابات لم يعد ممكنا، والوقت ضاق على تغيير القانون. لكن هذا التبرير يُبطن في الواقع المكانة المتواضعة لقضية التغيير والإصلاح السياسي في عقل الرئيس. وأستنتج الآن أن الجهود لإدارة الأمر الواقع تتقدم كثيرا على الأفكار لتغيير واقع الأمر.
لو كان لدى الرئيس الرؤية والإرادة بشأن قضية الإصلاح السياسي، لأعطى موضوع البلديات وزنا مختلفا، ولما وقفت قضية المواقيت عائقا. وكان يمكن التقدم على عجل بتعديل للقانون، يسمح بتأجيل الانتخابات البلدية لشهرين أو ثلاثة أشهر، يمكن خلالها تجهيز قانون جديد كليا، يحلّ مشكلة الدمج ودور البلديات في التنمية المحلية، وعلاقتها بالحكم المحلي واللامركزية.
لم نر أي تصور في موضوع الحكم المحلي واللامركزية والبلديات لدى الرئيس، مع أنه كان جزءا من الحراك الساخن حول البلديات في مجلس النواب السادس عشر. وهو يتذكر مشروع المجالس المحلية الذي قاتلنا من أجله، فتجاهلته الحكومة وأجهضه الأعيان. كما يعرف أن الأفكار للإصلاح الجذري في موضوع البلديات وأمانة عمان موجودة، لكن ها هو الرئيس، لسبب إداري وشكلي، يقرر الذهاب إلى انتخابات بالقانون القديم. وهذا يساوي التنكر لنصف مشروع الإصلاح السياسي.
والحال أننا نشهد فتورا شديدا إزاء الانتخابات البلدية. والناس ترى تدهورا فادحا في الخدمات البلدية. ولم يسبق أن كانت المدن والبلدات بمثل هذه الوساخة؛ وقد أصبحت الشوارع في حالة يرثى لها بسبب إهمال الصيانة لسنوات، وهي تحتاج إلى مبالغ هائلة غير متوفرة لترقيعها وإعادة تأهيلها. وهناك سخط عام على أداء البلديات. وقد تأثر سلوك المواطنين، بحيث أخذ يتخلف بدل أن يتحضّر. ويجب التنويه إلى مسؤولية التزايد الكبير للاجئين الذين يسكنون المدن والبلدات؛ فالعبء الجديد كان يتطلب جاهزية وكفاءة عالية من البلديات للتعامل معه، لكن العكس هو ما حصل، والمصيبة كانت مضاعفة للنظافة والخدمات.
في دائرتي الانتخابية، لاحظت موقفا سلبيا للغاية تجاه الانتخابات البلدية. وزاد إحباط الناس بسبب عدم موافقة الحكومة على بلدية مستقلة للواء بني عبيد جنوب إربد، كما هي حال بقية الألوية. وفي "الحصن"، كان الرأي الغالب في مجالس العيد هو عدم المشاركة في الانتخابات. وفي اجتماع تداعى له وجهاء البلدة أول من أمس، طلبوا من المرشحين الانسحاب، ولسان حالهم يقول: لا نريد أن نزوّر إرادتنا بأنفسنا عبر المشاركة في انتخابات لا نريدها. ويرى أهل البلدة، وهي من أقدم البلديات في المملكة على الإطلاق ويربو عدد سكانها على 35 ألف نسمة، أن من السخف اختصارها إلى منطقة ممثلة بمندوب واحد في بلدية إربد الكبرى؛ هذا القسر يلقى رفضا شاملا ومطلقا من الأهالي.
أنا أتحدث عن حالة معينة فاقعة في لامعقوليتها. لكن الحال لا تختلف في معظم بلديات المملكة؛ فقد فشلت الحكومات المتعاقبة في إنجاز مشروع الإصلاح خلال ثلاث سنوات من التأجيل المتوالي للانتخابات. وها هي الحكومة الحالية تقدم ببساطة على هذه الخطوة بدون إصلاح!
jamil.nimri@alghad.jo
الغد