مؤسسات التصنيف الدولية، مثل ستاندرد آند بورز وموديز، ليست معصومة عن الخطأ، وكثيراً ما ارتكبت أخطاء فادحة، حيث أعلنت بعض الشركات والبنوك الأميركية إفلاسها في وقت كانت مؤسسات التصنيف تعطيها أعلى درجات الملاءة الائتمانية.
هذه المؤسسات خفضّت مؤخراً مرتبة الأردن الائتمانية فيما يتعلق بسندات الحكومة بالعملات الأجنبية، لأنها تخشى أن الأردن قد لا يكون قادراً على السداد في تواريخ الاستحقاق بالنظر لعجز الموازنة وارتفاع المديونية.
وهنا نتساءل: هل خفي على تلك المؤسسات أن مديونية الأردن بالعملة الأجنبية لا تزيد عن 6ر7 مليار دولار (4ر5 مليار دينار) أو أقل من ربع الناتج المحلي الإجمالي، وهي أفضل بكثير من حالة الدول التي تزيد مديونيتها عن 100% من الناتج المحلي الإجمالي ومع ذلك تتمتع بأعلى مراتب التصنيف الائتماني.
وهل خفي على مؤسسات التصنيف هذه أن مركز الأردن الصافي دائن للعالم بالعملة الأجنبية، لأن موجوداته منها تزيد عن ضعف مديونيته بها.
وهل غاب عن أذهانهم أن موارد الأردن بالعملة الأجنبية غزيرة فهناك المنح الخارجية وحوالات المغتربين ومقبوضات السياحة وتدفقات الاستثمارات فضلاً عن الصادرات الوطنية.
قيود قانونية تمنع البنك المركزي الأردني من شراء مديونية الأردن الخارجية وتحويلها إلى مديونية الخزينة الأردنية. بعبارة أخرى فإن الأردن مدين لنفسه وليس للخارج وقادر على سداد ديونه الخارجية طالما أنه يتمتع باحتياطات من العملة الأجنبية تزيد عن مديونيته.
مع ذلك فإن تقييمات هذه المؤسسات يظل لها قيمة كبيرة لأن المستثمرين والدائنين يعتمدون عليها لتحديد درجة المخاطر لكل بلد من البلدان المغطاة بهذا التقييم والمرشحة لاستقبال الاستثمارات أو طرح القروض.
ويبقى أن نقـاط الضعف في الوضع المالي التي تشير إليها تلك المؤسسات صحيحة، وفي المقدمة ارتفاع عجز الموازنة وتصاعد المديونية التي قد تبلغ 80% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية هذه السنة.
ليس مجـدياً مناقشة مؤسسات التصنيف الدولية فيما تذهب إليه من نتائج، فالأهم من ذلك هو الوقوف عند نقاط الضعف التي تشير إليها ومعالجتها لأنها نقاط ضعف حقيقية وقابلة للعلاج.
في الأردن الآن برنامج للإصلاح الاقتصادي، مدعوم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومن شأن نجاحه أن تقل نقاط الضعف وتزيد نقاط القوة، ولكن البرنامج يواجه صعوبات من جانب قوى الشد العكسي التي لا تريد أن تعرف أن الإصلاح ومعالجة العيوب يتطلب قدراً من التضحيات.
الرأي