دراما توجع القلب .. حاتم الكسواني *
11-08-2013 07:58 PM
من المفترض أن تقوم الدراما بدور إيجابي في بناء الشخصية العربية وبناء قيمها الإيجابية في نفوس كافة الأجيال لكن ما نخرج به من متابعتنا للكم الكبير من المسلسلات المعروضة على القنوات التلفزيونية العربية جملة من المواصفات السلبية للشخصية العربية ، فكلها تكتظ بصور الغدر والخديعة والمؤامرة والغزو والثأر والعنف ( إنها دراما الدماء والمدى والمسدسات والقتل بالجملة بدم بارد) .
وفي الدراما الحديثة لموسمنا هذا البطل فيها الذي لابد للمشاهد أن يتماهى مع شخصيته وأن يتقمصها حرامي قاتل أو نصاب ، والعلاقات الأسرية فيها مفككة ، والظلم والقهرعلى أشده ناهيك عن صور الرذيلة والعرى والجنس الصريح والمصطلحات البذيئة ، بالإضافة إلى إبتعادها عن بيئتها وتوجهها دراميا لمحاكاة النمط الغربي الإستهلاكي والعنيف في الشكل والمضمون .
إنني أتساءل .. ماذا تفعل الدراما العربية الآن ، وأتساءل ما هي وظيفتها ... هل هي إنعكاس لحال الأمة ، أم أن الدراميين فقدوا بوصلة دورهم البناء ويمارسون لعبة تجارية او سياسية لاوعي فيها تنعكس على الأمة وأجيالها القادمة وبالا ودمارا وتشويها للشخصية الوطنية العربية وقيمها وأعرافها الإيجابية الراسخة عبر الأجيال الماضية .
ومن المحزن أن يتضافر هذا السقوط للدراما العربية مع حالة العنف والقهر وتراجع الأمن الذي اصاب شعوبنا جراء احداث الربيع العربي ، مما أوقع أبناءنا في حالة من الإرتباك حول مايصدقونه ومايكذبونه ومايعتقدون به أو يرفضونه فلا يعودون يفرقوا بين الغث والسمين والسلبي والإيجابي .
كما أنني أتساءل أين الدراما التي بنت قيم العمل والإنتاج والتضحية والإيثار والصدق والرجولة والبطولة والفتونة .
أين البطل الشعبي والجندي المدافع عن وطنه بدمه وروحه أين الدراما الرومانسية ذات المشاعر المرهفة والحب العذري النظيف أين الدراما القومية التي تجمع الأمة حول قضاياها وأهدافها المشتركة والبعيدة عن القطرية والتحزب والإصطفاف والتطرف الديني والمذهبي والسياسي .
وحيث أن الدراما ذهبت مذهبا منحدرا لهذه الدرجة فإنني أرى انه لابد من أن نتنبه للدور الخطير الذي يمكن أن تلعبه الدراما في تشكيل ماهية المجتمعات وقيادة الرأي العام فيها ، الأمر الذي يحتم علينا العمل على مأسسة العمل الدرامي ببناء إستراتيجية للدراما العربية تهدف إلى رفع دافعية المجتمعات العربية نحو البناء والتطور والوعي السياسي ، ولابد من وثيقة شرف للدراما العربية ترسم الملامح التي يجب أن تكون عليها والقيم التي يجب أن تعمل على تأسيسها أو الحفاظ عليها .
إننا نقرع ناقوس الخطر على دراما عربية تلغي الوعي ...لاتضيف ولاتمتع .... وتوجع القلب .
* رئيس جمعية المذيعين الأردنيين