حياتنا متخمة بلحظات الوداع والاستقبال ، متخمة بلحظات الفراق ولوعة الاشتياق ودمعة المشتاق وعذوبة الوصول الى نقطة الانطلاق ، ما اصعبها من لحظات نودع فيها شهر رمضان المبارك ، شهر الخير والامل والتربية والنظام ، شهر الامسيات والبركات واللقاءات التي نسيناها في غمرة انغماسنا في دوامة الزمن ، نعد الساعات ، تعدد الطموحات ، نطارد الاحلام ، ونقول لساعاتنا واحلامنا وطموحاتنا هل من مزيد .
اليوم نودع شهر رمضان، وغدا سنستقبل عيد الفطر السعيد, عيد اقترن قدومه بانتهاء شهر رمضان، في هذه الايام المباركة نؤكد وننصح ونقول نريد هذا العيد استكمالا للخير والبركة والسعادة ، نريده عيداً حقيقيا يجنبنا السلوكيات السلبية التي تمارس في العيد ويعتبرها البعض سلوكيات صحيحة وأساسية يمارسونها غير مكترثين لعواقبها الوخيمه ، وفي نفس السياق نؤكد على ممارسة السلوكيات الايجابية التي تغرس وتعزز القيم النبيلة والاصيلة في المجتمع. بطاقات معايدة نقدمها في العيد ونشدد على ممارستها وهي :
.
- التمسك بالكلمات الرائعة التي نرددها في العيد " كل عام وانتم بخير " فهي كلمات تفيض بالمعاني الدافقة بالصدق والثقة والمحبة والدعاء الطيب والرجاء المستحب ، كلمات ليست جوفاء ولا تقال للمجاملة ورفع العتب.
- مراجعة سلوكياتنا وأخطائنا وتجاوزاتنا اليومية التي كان البعض يمارسها قبل شهر رمضان وتوقف عنها في رمضان, وتقديم كشف حساب ذاتي وصادق مع النفس، ونتأكد من صفاء ضمائرنا وغسل ذنوبنا ? ونضع عهدا على أنفسنا بان نواصل ما قمنا به في شهر رمضان المبارك من تكافل وتواصل ومحبة ورحمة، ومواجهة الأنانية والنفاق والظلم والرياء وحب الظهور بشجاعة وحزم .
- مواصلة التكافل الاجتماعي ، فعمل الخير والتواصل مع الاخرين ومساندتهم ودعمهم ليس حكرا على شهر رمضان المبارك والعيد, ويتوقف بعد انتهاء هذا الشهر المبارك او بعد انتهاء العيد. لنتذكر بان قيم التكافل الاجتماعي والرحمة والتعاون والمحبة والتواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء ليس لها مواسم أو شهور أو أيام. فالعيد مناسبة يتم من خلالها تأكيد ديمومة التواصل مع الأهل و الرحم والأقارب والجيران والحرص على زيارة المرضى الذين أقعدهم المرض وأبعدهم عن أعز الناس عليهم لمشاركتهم الفرح في العيد, والدعاء لهم بالشفاء والصحة والعافية, اللهم امنح المعنوية لكل مريض ينتظر جرعة علاج كيماوي أو إشعاعي أو ينتظر نتيجة فحص مختبر أو أشعة أو إجراء عملية جراحية.
- زيارة الأيتام في أماكن تواجدهم, والتأكيد على توزيع فطرة رمضان للمحتاجين والمعوزين من أفراد المجتمع!
- أدارة الوقت وتنظيمه بشكل جيد, وعدم إرهاق الجسد واختزال العيد في يوم واحد, والحرص على القيام بزيارة كل الأهل والأقارب والأخوات في أول يوم وكأن هذه الزيارات واجب يجب القيام به، والانتهاء منه، وعدم تكرارها إلا في الأعياد أو المناسبات, يجب تنظيم الزيارات والقيام بها طيلة ايام العيد, وعدم إرباك الآخرين بالانتظار فلكل أسرة معارفها واقاربها وبرامجها في العيد، فلنفسح المجال للجميع القيام ببرامجهم براحة ويسر, وتذكير الأهل باهمية اصطحاب أبنائهم معهم في الزيارات حتى يتعلم الأبناء هذه الصور الجميلة في التكاتف الاجتماعي، ويعيشون مع الأهل والأقارب فرحة العيد، وتجنب التذمر إمام الأبناء من بعد المسافات التي يقيم بها الأهل والأخوات عن أماكن سكنهم أو التذمر من نفقات العيد ومستلزماته.
- التاكيد على الاهل الذين يصطحبون ابنائهم معهم في العيد عدم الانشغال في الاحاديث واللقاءات الاجتماعية مع الاقارب وعدم متابعة الابناء ، وتركهم يلعبون ويمرحون مع الاطفال الاخرين بدون رقيب او حسيب ، او ترك الابناء في المنازل لوحدهم وعدم اصطحابهم مع الاهل في الزيارات وبقائهم لوحدهم يعرضهم للخطر .
- قيام الازواج وخاصة الذين يوجد بينهم خلافات اسريه أن يبادرو الى اصلاح وحل المشكلات ، ومراجعة انفسهم وانهاء الخلافات ، وان لا ينتظر كل منهما الآخر إلى المبادرة ، كل خطوة خير يجعل الله فيها خيرا كثيرا، ولنبتعد عن الجفاء واللوم ووضع الشروط والمعجزات ، بادروا لإنهاء مشكلاتكم من اجل أولادكم ومستقبلهم .
- عدم التكلفة والمبالغة في نفقات العيد ، أو التقتير والبخل وعدم الإنفاق ، وانتهز هذه المناسبة للاشارة الى ضرورة التكاتف الاجتماعي والتعاون من قبل الجميع خاصة الفئات غير المقتدرة في المجتمع, ولا ننسى النفقات التي تمت في رمضان ومقبلون على نفقات التحاق الطلاب في المدارس والجامعات بعد العيد؟ فكيف سيدير أرباب الأسر موازناتهم المحدودة, وهنا اشير بصراحة الى ضرورة تعاون الأخوات مع إخوانهم خاصة في قضية "العيدية", فالاخت يجب ان تراعي مشاعر أخيها والوقوف معه ومساندته وان تبادر إلى رفض العيدية من الأخ إذا كانت تعرف أن أخيها وضعه الاقتصادي صعب ولا يكفل دخله لتسير امور حياته ، وهناك كثير من الزوجات يخشين التعرض للعتب والمعايرة من الزوج لان أخاها لم يكرمها ولم يكرم أبنائها في تقديم عيديه لهم. لذا لا بد من مراعاة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحت وطأتها غالبية المواطنين " التمسوا لإخوانكم عذرا ", فيا أهلنا ويا أخواتنا تذكروا بان قدوم أبنائكم عليكم لزيارتكم في العيد أفضل مليون مره من تقديم عيدية عشرة او خمسة دنانير, لا تحولوا العيد إلى سلوكيات مادية زائلة, ولنتذكر أن ما يفرح القلب أن الفتاة الأردنية قد تعلمت وهي الآن تشارك في كافة قطاعات الإنتاج والعمل وتحصل على راتب ودخل يمكنها من الاعتماد على نفسها , فلماذا لا تبادر لمساعدة شقيقها إذا كان شقيقها غير مقتدر وظروفه الاقتصادية صعبة عن طريق المساهمة في شراء بعض الملابس لأبنائه أو شراء الحلوى لهم والمبادرة لرفض" العيدية " على اقل تقدير. أدعو لإخوانكم واهلكم بالصحة والسعادة والسلامة, إما إذا كان الأخ مقتدرا ماليا فعليه ان لا يتقاعس عن تقديم العيدية وان " يبحبها " .
- إثناء تبادل الزيارات ولقاء الأقارب والأهل والأصدقاء يحرص الكثير على ممارسة التقبيل والعبط والحضن, والتقبيل عادة دخيلة على المجتمع ولا يوجد في التراث العربي والإسلامي ما يدعم ممارسة هذه الظاهرة، بل تؤكد كافة الديانات السماوية على سعادة البشر وإتباع كافة الطرق التي تجنبهم الإصابة بالإمراض أو نشر العدوى، فالتقبيل سلوك غير مرغوب فيه وخاطئ أنه مصدر رئيسي لنقل ( 15) مرض للإنسان ، تصنف هذه الأمراض ما بين البسيطة والمتوسطة والخطيرة جدا ، وخاصة أمراض الانفلوانزا بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى بعض الأمراض الجلدية الناتجة عن التهابات فطرية ، والحصبة الرمادية والحصبة الألمانية ، والنزلات المعوية والفيروسات الكبدية والحمى الشوكية ، والأطفال وكبار السن والمرضى الذين يجلسون عل سرير الشفاء في المستشفيات أكثر الفئات عرضة للعدوى, وأشير أيضا إلى عدم شرب القهوة من الفنجان نفسه وعدم التحرج في طلب تنظيف الفنجان أو الاعتذار عن شرب القهوة "السادة" بطريقة لا تحرج الناس مثال على ذلك قول " انا لا اشرب القهوة, لأنها تسبب لي الأرق" وأيضا يوجد في الأسواق فناجين " ديسبوزبل " يفضل استخدامها.
- عدم الإكثار من تناول الحلويات و- المعمول - بمختلف أنواعه أو الإقبال على تناول الطعام والشراب بشراهة حتى لا تتعرض للإصابة في أمراض التخمة وتلبك المعدة وعسر الهضم وامراض الجهاز الهضمي, وأكثر الأمراض التي يتعرض لها الناس في العيد تتعلق في أمراض الجهاز الهضمي بسبب عدم تنظيم الطعام ,والشراب .
- العيد مناسبة لنتوجه لكل سائق يملك سيارة خاصة أو عامة لأخذ الحيطة والحذر والتقيد بقواعد المرور والسلوكيات والأخلاق الاجتماعية أثناء القيادة لتفادي ارتكاب الحوادث لنكمل فرحة العيد من دون الم وحسرة وخسائر اجتماعية واقتصادية وبشرية. وفي عيد الفطر السعيد الماضي ارتكب (801) حادث سير ، نجم عنها (8) وفيات ، و (166) اصابه منها (23) اصابة بليغة و( 50) حادث دعس اطفال ، و(111) حوادث مختلف .
- تذكير ارباب الاسر بضرورة توجيه الابناء كيفية التصرف بالنقود وخاصة العيديات التي تمنح للاطفال من الاقارب في العيد ، وضرورة توجيه الابناء للاستفادة من هذه النقود في شراء احتياجات مهمة ومفيده لهم ، والبعد عن شراء العاب تلحق الضرر بهم وبالمحيطين بهم ، وخاصة المفرقعات " الفتيش " ، وايضا العاب المسدسات (الخرز ) والتي تلحق الاذى بالابناء ، وسجل في العيد الماضي (450) طفلا اصيبوا بإصابات مختلفة في عيونهم جراء اللعب بمسدسات الخرز والعاب اخرى تحمل رؤوسا مدببه وحاده ، والمؤلم ان اطفالا رضع اصيبوا بامراض خطيره في عيونهم بسبب لعب اخوانهم في المسدسات داخل البيوت.
- العيد مناسبة لنتوجه بالتقدير والاعتزاز لكل رب أسرة غاب عن أفراد أسرته بسبب ظروف عمله من أجل توفير الراحة والخدمة للمواطنين, نشامى الوطن في كل مكان يواصلون ليل نهار لخدمة أبنائه الأوفياء في كل مواقع البناء والتنمية. وخاصة رجال الامن العام والدرك وقواتنا المسلحة الباسلة واجهزتنا الامنية والتي تحرص على سلامة المواطن وامن الوطن ومنجزاته.
- العيد مناسبة لنقدم الشكر والتقدير لكل من سار في درب الخير ليزرع أملا في قلب ووجدان من فقد الحب والحنان والعطف ، ولكل من رسم الابتسامة البريئة على شفاه هؤلاء الأطفال احباب الله والمجتمع .فالعيد مناسبة لمساعدة الجيران والأخوان والأقارب ومد يد العون لهم لشراء الملابس والحلويات والهدايا التي يفرح لها الأطفال, فما أصعب أن يكون أبنك قد فرح في العيد وتوفرت له الملابس والهدايا والحلويات ولنتذكر أذا كنا نعرف ان هناك أطفال من أبناء الجيران والأقارب أغلقوا الأبواب على أنفسهم, وحبس ذويهم دمعتهم لرؤيتهم فلذات أكبادهم محرومين حتى من فرحة العيد، ما أروع التكاتف والتعاون وما أبشع الأنانية وحب النفس والانطواء .
مسك الكلام ،،، كل عام وانتم والوطن وقائد الوطن ( ابو الحسبن ) بالف خير .
ohok1960@yahoo.com