"الزعتري" وشبكات الجريمة المنظمة!
جهاد المحيسن
07-08-2013 04:13 AM
كُلَف لجوء السوريين إلى الأردن عالية جدا، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني. وثمة معلومات تداولتها العديد من أجهزة الدولة، بأن جزءا ليس بيسير ممن هربوا من الحرب الدائرة على سورية ولجأوا إلى الأردن هم من أصحاب السوابق. لكن إصرار البعض على إنكار هذه الحقيقة، والتعامل عاطفيا مع قضايا اللاجئين، سوف يكلفنا أمنياً واجتماعيا الشيء الكثير.
الكلف التي يتحملها الأردن من موجات اللاجئين المتتالية على البلد أدت إلى تغيرات كبيرة ومتنوعة في منظومة القيم الأردنية. ولعل كثيرين منا يستطيعون رصد هذه التغيرات والتبدلات النوعية، في شقها السلبي.
فمثلا، لا أحد ينكر أن موجة العائدين من دول الخليج العربي في العام 1990، قد أدت إلى تغيرات جوهرية وحقيقية في منظومة القيم في الأردن، وأسست لما عرف بعقلية أو "ثقافة الكفيل" التي تمتد جذورها إلى طبيعة العلاقة بين العامل ورب العمل في دول الخليج العربي، ما يعني سيادة نمط العلاقة الطرفية بين الفرد والمجتمع والدولة. وتكون العلاقة نفعية فقط. ومن ثم، أصبح الخنوع "وثقافة دبر حالك" هي الرائجة، وغيرها من التغيرات في العلاقات الاجتماعية.
وتتوالى النتائج السلبية لموجات الهجرات على الأردن. وليس سرا يخفى على أحد أن هجرات العراقيين قد ضربت وبقوة بنية الطبقة الوسطى في الأردن، وأدت إلى تهشيمها، نتيجة للعبث في كل ما يخص الاقتصاد الوطني والمنظومة القيمية التي تأثرت بهذا النسق الجديد من العلاقات، والذي ركب ووظف بشكل عفوي مع "ثقافة الكفيل"، ليصبح التمرد والنظر بفوقية للمواطن الأردني سمة عامة، طالما أن كل شيء يمكن شراؤه.
وفي حالة اللاجئين السوريين، فقد كشف تقرير داخلي للأمم المتحدة، حمل عنوان "من الغليان البطيء إلى نقطة الانهيار"، كتقييم ذاتي لعمل المنظمة في سورية، أنه كان بوسع الأمم المتحدة القيام بما هو أفضل، وأن هناك حاجة "لاستراتيجية أكثر متانة وتماسكا". وذكر التقرير أن شبكات الجريمة المنظمة تعمل في مخيم الزعتري في الأردن؛ أكبر مخيمات اللاجئين، والذي يؤوي ما يصل إلى 130 ألف لاجئ. والمخيم "ينعدم فيه القانون من نواح عديدة"، وموارده "إما تسرق باستمرار أو تخرب".
ويؤكد التقرير على ضرورة تجاوز الأخطاء السابقة في مخيم الزعتري في حال إقامة مخيم جديد، بما في ذلك "ضمان سلامة النساء والفتيات". وأضاف أنه يمكن للاجئين أن يقيموا خارج المخيم إذا توفرت لهم "كفالة" مواطن أردني، لكن كثيرا من اللاجئين يدفعون ما يصل إلى 500 دولار لوسطاء للخروج من المخيم. وهنا مكمن الخطر؛ إذ لا أحد يعرف إلى أين سيذهب هؤلاء اللاجئون؟ ولماذا يدفعون للوسطاء هذه المبالغ؟ وماذا يريدون منهم؟
المراجعة الدقيقة لحركة اللاجئين السوريين ومن يسعى إلى توظيفهم لمصلحته من قبل الوسطاء، تستدعي وضع حد لهذا السلوك الذي يساعد، بحسب التقارير الدولية، على التأسيس للجريمة المنظمة. ولعل العديد من الحوادث مؤخرا يستدعي منا مراجعة حيثياتها والبحث عمن يقف وراءها!
الغد