بعد ثلاث سنوات من الانقطاع بدأت في واشنطن مرة أخرى مباحثات مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بوساطة أميركية فيما يمكن أن نطلق عليه نفس الوصف الذي أعطيناه لكل محاولة مماثلة سابقة بأنها الفرصة الأخيرة ، ولكن بعد كل فرصة أخيرة كانت تأتي فرصة أخيرة أخرى ، وكانت إسرائيل تستخدم مرور الوقت لبناء المزيد من المستوطنات.
لتكسب عملية واشنطن صفة فرصة لا بد أن تحمل في طياتها إمكانيات النجاح ، فهل تملك عملية واشنطن الراهنة فرصة النجاح ، أم أن المقصود إثبات أن البيت الأبيض يتحرك ويحاول وليس مسؤولاً عن النتائج.
أهم شرط لنجاح الوساطة أن يكون الوسيط على مسافة واحدة من الطرفين ، لكن أميركا منحازة بدرجة صارخة إلى الطرف الإسرائيلي كما يدل تاريخها.
وإذا لم يكن انحياز أميركا لإسرائيل على حساب الفلسطينيين كافياً فقد تم اختيار مارتن إنديك ليكون مندوب أميركا في العمل مع الجانبين. وهو رجل معروف بأنه صهيوني أكثر تشددأً من نتنياهو ، وقد عمل واكتسب اسماً من عمله في اللوبي الإسرائيلي بواشنطن ، وسبق له أن كان ممثلا للرئيس الأميركي في إدارة عملية السلام في الشرق الاوسط وكان المفاوض الفلسطيني يعتبر ان شامير ارحم منه!!.
لماذا إذن يذهب الفلسطينيون إلى واشنطن ويتفاوضون مع الإسرائيليين إذا كان الأمل في الحل العادل مستبعداً؟ ليس هناك من جواب على هذا السؤال الكبير سوى غياب الخيارات الأخرى.
العقبات التي تقف في وجه اتفاق الوضع النهائي معروفة ومحددة وعلى أميركا أن تأخذ موقفاً واضحاً منها كأساس للتفاوض وهي القدس الشرقية والحدود والاستيطان وعودة اللاجئين. وسوف تطلب أميركا من الفلسطينيين أن يقدموا تنازلاً في كل واحدة من هذه القضايا.
ميزان القوى الحالي مختل لدرجة تسمح لإسرائيل بالتعنت ، ولكن ماذا عن المستقبل؟ أميركا ويهود أميركا يخافون على مستقبل إسرائيل ويريدون حمايتها من حماقة حكوماتها المتطرفة التي تضيع فرصة القبول بإسرائيل في المنطقة ، لأنه بخلاف ذلك سيتغير ميزان القوى يومأً ما ويصبح زوال إسرائيل حتمية تاريخية.
الورقة الوحيدة في يد المفاوض الفلسطيني هي عودة اللاجئين بموجب القرار 194 ، وقد فتحت المبادرة العربية الباب للتنازل عنها.
الرأي